يتخوف خبراء استراتيجيون، ومراقبون للوضع الانتقالي في السودان، من أن تتحول الثورة السودانية المجيدة إلى حرب أهلية.
فبعد أن نجح الثوار في إزاحة نظام البشير الدكتاتوري، ارتفعت طموحات وآمال الشعب السوداني في بلوغ المجد وإقامة دولة الحرية والعدالة والمساواة وبناء دولتهم على هذه القيم الإنسانية الرفيعة بالاستفادة من عوامل المعرفة والأخذ بأسباب النهضة والتطور التكنولوجي والعلمي لتحقيق تجربة مشروع الحلم السوداني ذات الخصائص المحلية.
ولم يتحسب الثوار إلى عوامل الخدعة الرهيبة التي ركبت ظهر الثورة وانحرفت بها عن مسارها بل أدت إلى اختطافها.
وقد سارعت القوى السياسية باستلام مقاليد السلطة عبر الوثيقة الدستورية شراكة مع المكون العسكري وتم أبعاد الثوار ونسيان المجلس التشريعي إلا أنه سرعان ما نشبت الخلافات بين الأحزاب السياسية فيما بينها من جهة وبينها والمكون العسكري من جهة أخرى ونتيجة لذلك، مازالت الحرية والتغيير تصر على الاستمرار في الحكم وتنفيذ أجندتها أو هد المعبد في رؤوس الجميع مما يعني الانهيار الكامل.
فقد تم تهيئة المشهد السياسي وشحنه بخطاب الكراهية مما خلق مزاج سيئ لدى جماهير الشعب أصبح يتم التعبير عنه بصورة مستمرة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي جعل البلد مهيأ للانقسام والتشرزم والانزلاق في الفوضى، والعيش في حالة اللادولة .
ويقول الدكتور حسين النعيم إن انحراف الفترة الانتقالية عن مسارها، هدد مستقبل الثورة في السودان، بل أصبح أحد عوامل ضياعها فقد عملت الأحزاب السياسية “قحت” على التمكين لنفسها وزادت من حدة الاستقطاب السياسي والاجتماعي والمحاصصات الحزبية، وتناست أمر الوطن والمواطن، مما دفع الثوار إلى الاستمرار في عملية التظاهر واللجوء للتتريس لمقابلة المخاطر والمهددات التي تقف في طريق الثورة.
وبات واضحاً لدى الجميع أن الثورة بدأت تسير في الاتجاه المغاير وسادت حالة انزعاج واسعة من قبل المواطنين، وعدد من المكونات الأهلية، خوفاً على ضياع الثورة ودفع الأمور في اتجاه الحرب الأهلية.
وأشار النعيم إلى الوجه الآخر للمعادلة، بقوله : هناك دائماً وجه آخر، مقابل المهددات والمخاطر الكبيرة التي تواجه الثورة وتدفع بالبلاد في اتجاه الفوضى بصورة متسارعة، مؤكداً أنه لابد من وجود شخص او مجموعة معينة تحسم هذه الفوضى وتدفع الجميع للقبول بمبدأ استقرار الوطن أولاً، فهل المكون العسكري قادر على تجنيب البلاد خطر الفوضى والنجاح في منع الثورة من التحول إلى حرب قبلية، فالسودان يحتاج شخصية تجمع كل الكيانات وهذا الشتات في جبهة واحدة.