هذا كتاب مختلف لأنه كما قال مؤلفه الدكتور مجدي اسحق في مقدمته إنه محاولة لتقديم أداة معرفية تساعد في فهم تساؤلات الواقع وعلاقتها بسيكولوجية القهر ومن ثم استنباط العوامل التي تساعد في كسر حاجز الإحباط وزرع عوامل الأمل.
هذا يساعد في دفع الحراك الثوري القائم في الشارع لاسقاط انقلاب البرهان والفلول والمرتزقة والانتقال المدني الديمقراطي على هدى وبصيرة بعد أن تسبب الانقلاب على الحكومة الانتقالية في إرجاع الأوضاع في السودان لما قبل إسقاط سلطة نظام القهر والاستبداد.
لن أتناول تفاصيل التحليل النفسي وعلم النفس التحرري الذي خص له غالب فصول الكتاب رغم أهميتها في تعزيز الوعي وسط القادة الميدانين بعوامل القوة وعوامل الضعف والمهددات الماثلة من أعداء الديمقراطية.
كما لن أتناول ما أكده الدكتور مجدي من أسباب معلومة أدت لضعف أداء الحكوم الانتقالية وتشتيت قوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية الثورية لأن واقع الانقلاب فرض حراكاً ثورياً شاركت فيه قوى جديدة في مقدمتها لجان المقاومة التي تحتاج إلى ترتيب صفوفها واختيار قيادة موحدة تشارك في إعادة تأسيس الحاضنة السياسية الثورية.
أنتقل مباشرة إلى خواتيم كتاب” الثورة من منظور علم النفس السياسي” الذي خصصه الدكتور مجدي اسحق للحديث عن افاق المستقبل على أمل أن تستلهمه قوى الثورة الحية المتفاعلة مع الحراك الثوري والداعمة له لإسقاط الانقلاب واستعداد الحاضنة الثورية – بعد استيعاب لجان المقاومة وشركاء السلام الذين لم يشاركوا في الانقلاب وسد الثغرات أمام المتسللين من مخلفات الانقاذ والموالين لهم داخل الأحزاب والاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني بمشاركة فاعلة من الكنداكات والشباب – لاستلام سلطة الفترة الانتقالية وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر الشعبية المتمثلة في استرداد الديمقراطية وتحقيق السلام وبسط العدل وسيادة حكم القانون ومحاكمة المجرمين والفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة وتفكيك سلطة التمكين والقهر وإعمار علاقات السودان الخارجية بما يحقق مصالح الوطن والمواطنين وتأمين الحياة الحرة الكريمة لهم.
كلمة أخيرة مستحقة سجلها الدكتور مجدي اسحق في فاتحة الكتاب نقولها للشعب السوداني الصامد : إلى شعبنا الذي رغم القهر والفقر مازال يعلمنا شرف التضحية والصمود ومعنى الحرية فله الانحناءة والتجلة والمحبة.