مرة كسرت عجلة حديد في الكيلو 87 ومعي 40 راكبًا وما عندي أسبير ولم يكن معنا ماء كاف، لذا قررت التحرك مع الركاب القادرين علي المشي تاركين الأطفال وكبار السن مع المساعد وتحركنا الي عكاشة ومعي 17 راكب والبقية جنب العربة، والطريق كله جبال وحشرات زاحفة وضباع، المهم عانينا الي أن وصلنا عكاشة مع شروق الشمس، ولم نجد الأسبير فتركت الركاب في القهوة وواصل البحث الي أن وجدت الأسبير بعد أن نزفت رجلي الدم، وواجهاني مشكلة في كيف نوصل العجلة، والطريق وعر وما في عربات أصلاً، فقمت بإيجار جمل علي أن أعطيه شوال دقيق من العربة، ورفعنا العجلة وتحركنا عندما وصلنا العربة، وجدنا الماء قد نفد تمامًا، وكان المساعد يعطي الركاب ماء من الرديتر بعد مانفذالماء.
بعد أن تحركت كل اللواري ، من قهوة عُكاشة تأخر إسماعيل قيل بعض الوقت ريثما يتم إصلاح عطب ما بدأ لوريه يشكو منه ، عندما وصلنا بُود احمد كارا .. كانت بعض اللواري قبله او بعده .. فكانت مناسبة رائعة تلك السباق المحموم .. بين بعض هؤلاء السائقين الذين أخذوا يتفنون بالركض في ميدان هذا السباق سال احد الركاب الجالس بالقرب مني لماذا سُمي هذا الميدان بهذا الاسم ؟ قال الرجل الكبير الجالس في مؤخرة اللوري ..وسألناه .. فأجاب .. أحمد كارا .. كان بمثابة الرئيس هنا في بلاد النوبة ..المكلف من قبل الكُشاف !! ويُحكى انه كان راجعا من حلفا في أحد السنوات عبر هذا الطريق .. وكان هذا المكان الذي ترونه صحراء مجدبا واحة خضراء زمانها .. وكان هناك بعض الأعراب من الرعاة مقيمين فيها .. لرعي بهائمهم وعندما وصلهم الزعيم النوبي احمد كارا ، استضافوه .. فأحب كارا أن يتزوج منهم .. ثم أشار محدثنا أترون تلك الغرفه الصغيرة على طرف الجبل !! فنظرنا صوب ما أشار إليه فرأينا غرفة من الحجر على طرف الوادي .. فقال ذلك بناه عمال أحمد كارا لتكون بمثابة غرفة نومه لبعض الأيام … حيث تم عمل العُرس هنا في هذا الميدان الكبير ولذلك سُمي ببُود احمد كارا .. كنا على وشك الوصول لقهوة بير أمبكول حيث سبقتنا إليه بعض السيارات .. السفرية .. كان الوقت قريب من المغرب .. رأينا بعض السيارت فتحت الكبوت تتبرد .. .. ولقهوة البير حكاية .. سألت عنها ونحن جلوس في الرمال الناعم قدام القهوة القديمة طرف الجبل الشرقي ونحن نرتشف شايا مرا .. فقال محدثنا الرجل الكبير في السن وهو من بلدة كويكة .. قال هذه القهوة أسسها الإنجليز عند فتح السودان في عهد اللورد كتشنر باشا .. قلت كيف ذلك ؟ قال كان ذلك عند ما تحركت الجيوش الإنجليزية من حلفا وهو يبني الخط الحديدي في إتجاه كرمة لنقل الجنود .. كان هنا مركزا من المراكز الكبيرة للتزود من وقود الحجر للقاطرات وهم الذين حفروا أول بئر هنا لذلك سُمي ببير أمبكول لأن بلدة امبكول قريبة من هنا .. حوالي 8 كيلومترات في إتجاه الغرب ..سالت محدثنا .. أليس هناك طريق بجوار النيل ؟ قال لا !! لأنه من عُكاشة وحتي قهوة صرص القديمة كلها سلاسل جبال تمنع من سير اللواري بمحاذاة النيل .. ولذلك هناك شياخات مثل ( سمنة وأتيري ودويشات وأمبكول ومك الناصر وسونكي وعكمة ) كلها بعيدة من خط اللواري … قامت بعض اللواري وتحركت وهي تضرب بوريه … تارونا .. تارونا .. جاء قيل وركبنا وأنتظمنا في أماكننا من جديد …. من قهوة البير بدأنا نرى أن الطريق أصبحت في اماكن كثيرة صخرية حتى وصلنا قهوة ( أتيري ) قهوة العم شلبي ( محمد عبده شلبي .. كانت الوقت قريب من صلاة العشاء فكانت مناسبة للصلاة والراحة .. لم يكن هناك ماء في الأزيار البسيطة فأطررنا أن نشرب من قرب الماء المعلق على ظهر اللوري رغم أن المساعدية رفضوا ذلك بحجة أن الطريق لا يزال طويلا .. وصحراء قاحلة .. رغم أن حلفا تبعد من ذلك القهوة حوالي ال 60 كيلو متر فقط .. أقل من ربع الساعة لو كان طريقا معبدا …
هذه المادة من صفحة الكاتب، ونُشرت بعاميتها من دون تدخل من “التحرير”