يتناول هذا الكتاب مشكلة الهوية الثقافية وحقوق الإنسان في السودان وهو عبارة عن مجموعة دراسات وكتابات ومشاركات للدكتور عبدالله أحمد بشير”فبراير1943م – 20018م” الشهير بعبدالله بولا جمعتها وأعدتها للنشر نجاة محمد علي. يحتوي الكتاب على رأي الدكتور بولا فيما اعتبره نسب الغول في إشارة لتجربة نظام الانقاذ الإسلاموية التي اعتبرها امتداد لتراكمات ثقافية ومجتمعية سالبة وأنها لم تهبط على السودان من السماء. في البدءجاءت ورقة شجرة الغول في مشكل الهوية الثقافية وحقوق الإنسان في السودان التي قدمها عام 1966م الدكتور بولا في مؤتمر أقامه فرع المنظمة السودانية لحقوق الإنسان بمدينة لاهاي في هولندا ونشرت بالعدد الأول من مجلة إحترام المجلة السودانية الالكترونية لثقافة حقوق الإنسان والتعدد الثقافي في نوفمبر 2006م بموقع سودان للجميع. قال بولا أن سؤال الهوية الثقافية الوطنية بدأ بروزه في أجندة هموم المثقفين في السودان منذ الثلاثينات في أعقاب هزيمة ثورة 1924م فيما بدأ طرحها وسط المثقفين من أبناء جنوب السودان حول هوية إقليم الحنوب الثقافية قبل استقلال السودان. أشار بولا إلى ما اعتبره من دواعي الإنصاف للقيادي السوداني التاريخي محمد أحمد محجوب أن نحمد له انفتاح أفقه لما أبداه من إنتباه واعتبارلوجود مكونات العقلية السودانية التي هي خلاصة حضارات متعددة متشابهة ومتنافرة. استعرض الدكتور بولا جهود المدارس الثقافية المقدرة التي اهتمت بالتعدد الثر في الثقافة السودانية مثل مدرسة الغابة والصحراء كما أشار إلى استمرار ممارسات فردية ومجتمعية للعنصرية الإثنية، وانتقد بصورة مباشرة السياسيات التعليمية التي سعت في مختلف الحقب لفرض الثقافة العربية على غير الناطقين بها من أهل السودان وتوقف بصفة خاصة عند تجربة نظام حكم الانقاذ التي فشلت في الحفاظ على وحدة السودان وسلامه. أعطى بولا مساحة مقدرة من الكتاب لمساهمة الأستاذ محمود محمد طه في حركة تجديد الفكر الإسلامي التي لم تقف عند حدود التنظير إنما امتدت إلى مجالات العمل الحركي والتربوي المنظم كما خصص مساحة أخرى لدور الحزب الشيوعي السوداني في التجديد الثقافي في السودان. تعرض في خواتيم الكتاب لمسألة مشروعية الاختلاف التي قال انها تبدو بديهية فيما عدا عند بقايا متكلسة من عقلية العهود الظلامية وقال انه من الأفضل الاعتراف بأن الأصولية اللغوية خسرت المعركة لكنه نبه إلى انه لايكفي انتزاع مشروعية التجديد وحدها لأنها مهمة شاقة تتطلب إدارة مبدعة لتتجاوز سياسة التقليد العقيمة. خلص الدكتور عبدالله بولا إلى أنه هناك امكانية لتجاوز مخلفات العنصرية وممارساتها المجتمعية والفردية السالبة وأكد حقيقة فشل الحل العسكري الذي عزز قيام حركات مسلحة قبلية ومناطقية مازالت تؤثر سلباً على مجمل الحراك المجتمعي نحو استدرد الديمقراطية وبناء السلام وبسط العدالة. يختتم بولا مؤكداً أننا تعلمنا الدرس من الثمار المريرة لسياسة الغطرسة والنعرات العرقية والدينية من حروب ومجاعات وفساد وان لنا الان ضرورة الانتقال للتفكير والعمل بصورة أخرى تجمع مكونات النسيج السوداني مع كامل الادراك بأن الحل الوحيد الفعال هو استرداد الديمقراطية وقيام دولة القانون والمواطنة والديمقراطية. جاءت خاتمة الكتاب عبر دعوة كان قد أعلنها الدكتور بولا عقب رحيل القائد جون قرنق لترك النواح وكتابة أغنية فرح لعل الجسر يلتئم ويعود النهر إلى الجريان في السودان من جديد، وأكد بولا أهمية الكف عن تقديس وتضخيم الرائدات والرواد. أكتفي بهذا العرض المبتسر لهذا الكتاب القيم الذي يحتاج لمزيد ن الدراسة والتحليل وتدبر دروسة المتجددة ونحن نسعى لاسترداد الديمقراطية وتحقيق السلام وبسط العدل وسيادة حكم القانون وتأمين الحياة الحرة الكريمة لكل المواطنين في كل ربوع السودان.