بات من الجائز القول إنَّ ثمة رسوخاً قد أضحى حاليا لثقافة جديدة في الفضاء السياسي العام تسمى بثقافة الانقسام، بمعنى مقاومة الاتفاق والاتحاد على استراتيجية وطنية موحدة تشكل الحد الادني من الاتفاق بين الفرقاء للخروج من المأزق السياسي المستعصي الماثل.
ترى ما سبب ذلك؟ ولماذا صرنا نختص بتربية وحش التفرق والفرقة ورعاية هذا الضرب من الثقافة الموحشة؟
نحن في مأزق حقيقي واغلب الملاحظات تشير الى التمترس في الاراء والمواقف وعدم الاقتراب او التقارب من بعضنا البعض ببذل التنازلات النسبية- يتهم في ذلك القوى العسكر والمدنية وما بينهما وداخلهما من مكونات تتغذى بنحو او اخر من هذه الخصومة الفاجرة. ان غياب المنصة الوطنية للحوار بين الاطراف، كما اعتماد وتوظيف الوسائط الاعلامية كمجال حيوى لعرض الآراء والمواقف يضاعف من الازمة ويذهب بالسودان الى اقصى احتمالات الانهيار.
نحن المدنيين دعونا نفكر نقديا في البحث عن لماذا اصبحنا بهذه الحمولة من القابلية للاختلاف وليس الاتحاد حتى نتمكن من احداث التغيير الذي تنشده الاغلبية الرافضة للانقلاب باختراق الجدار النفسي والذهني الصلب الذي يحول دون توحيد الارادة الوطنية والعمل على هدمه.
من دون ذلك، سنؤكد شئنا ام ابينا أننا لم نتحرر بعد من موبقات ما ارادته سياسة الانقاذ وخطط الدمار التى سعت لتفعيلها في العمل العام بان نظل قابعين في كمين من الاستقطابات الحادة وبعيدين عن الاستراتيجي والحلول المباشرة والطرق السريعة للتخلص من والتعافي من امراض السياسة المزمنة. السودان لن ينتظرنا بل سيمعن في التبدد والتدهور اكثر مما هو عليه. هذه ليست دعوة للتصالح مع العدو بقدر ما هى دعوة لتوحيد الصفوف وتدارس كيفية احداث الاختراق والانصراف بهمة وجد للمعركة الرئيسية- معركة استعادة الديمقراطية وبناء سودان يسع الجميع ويحقق لهم ذواتهم وامانيهم في حياة حرة وكريمة..
wagdik@yahoo.com