يؤكد عبدالفتاح البرهان أنّه مرشح بقوة ليكون أسوأ ديكتاتور مرّ لا على السودان فحسب، وإنما على مستوى أفريقيا كلها. يحاول أن يئد الثورة بكل ما أوتي من أجل أن يتمكّن، ويبذل جهده في تلطيخ هذه الثورة التي شهد لها العالم بالنضج والوعي والسلمية المفرطة مقابل الهمجية، و”العربجة” وتوظيف إمكانات الدولة واختطافها لإهانة الشارع، وقتل الشباب، وتلطيخ سمعة الشرفاء.
والأعجب أن البرهان وهو يشوه الثورة يستعين بحرامية الإنقاذ ليكونوا حكمًا على الشرفاء، ويوظف علاقات الدولة الخارجية للاستعانة بخبرات المجرمين في قهر الشعوب، بدلاً من أن يحاول النهوض بالبلد، الذي ينزلق إلى الهاوية على كل المستويات.
وعندما يعتقل اليوم عددًا من السياسيين، فهو ينتقيهم انتقاءً، مركزًا على كل من كشفوا فساد النظام البائد، وفتحوا ملفات شركات الجيش، وفضحوا مافيا التهريب.
وقع البرهان الاتفاق السياسي مع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الذي وضعه قيد الإقامة الجبرية، واعتقل المسؤولين الآخرين بشكل مهين، حتى سببت زبانيته للأستاذ محمد ضياء الدين عاهة مستديمة، وإعاقة حركية يعاني منها إلى اليوم، ويعالج منها على حسابه الخاص.
المهم أنه عقب هذا الاتفاق الذي نصَّ على الإفراج عن المسؤولين، تلكأ في أن يشمل ذلك بعضهم، وكان هؤلاء هم الذين تجرؤوا على كشف الفضائح، وانتووا تفكيك النظام البائد “صامولة.. صامولة”، وحاول تلفيق تهم لهم للحيلولة دون الإفراج عنهم، وعندما فشل لم يجد بدًا من إطلاق سراحهم، مع استمرار الكيد والتربص، ثم سلط عليهم الدجاج الإلكتروني الذي خبره الشعب السوداني لإشاعة أنهم هربوا، وعندما وجدهم يواصلون عملهم النضالي في الشارع، وعبر وسائل الإعلام، مفندين التهم، ومؤكدين فساد النظام الجديد الذي يتشكل، وسيره على خطى النظام البائد، كان لا بد من محاولة إسكاتهم بتهم جديدة، وإلقاء القبض عليهم.
إنَّ تجييش الدولة لمواجهة الثورة والثوار، ونسيان المهام الرئيسة للدولة في استتباب الأمن، والنظر في معايش الناس، ذلك كله لا يعني شيئًا غير أن اختطاف الدولة لن يطول، وأن القائمين اليوم على الأمر بالإكراه إلى زوال، مهما استقووا بالخارج، ممن يريدون دكتاتوريين يؤتمرون بأمرهم، ليبقى بلد كبير مثل السودان مرتهنًا لفئة ضالة من أبنائه.
كان الأولى أن يقوم البرهان بالترتيبات الأمنية التي هي من صميم عمل الجيش، حتى ينزع فتيل الخطر الداهم من وجود جيوش تمرح في مدن السودان وقراه، وينهب أفرادها ثروات البلد، وينشرون الرعب في ربوعه، بل وصل الأمر إلى الاقتتال فيما بينهم على مصادر الثروة، مما يعني أن البلد الذي يقاتل البرهان على تركيعه ليظل على قمة السلطة سوف لن يكون إذا استمر الحال على ما هو عليه.
ولعل من يؤيدون البرهان من الخارج يدركوا أنه يعيد إنتاج نظام الإخوان الذي احتضن صناع الإرهاب الذي يعانون منه حتى اليوم، وأنّه سائر على نهجه القديم، ووهم المشروع الحضاري، وسوف يكون حاضنة لكل الإرهابيين.
والمهمّ أن الشارع يدرك تمامًا أنَّ الشرفاء الذين يحاول البرهان تلطيخ سمعتهم أمناء على الثورة ومبادئها، وأن هذه المحاولة هي استمرار لمحاولة تركيع الثورة ووأدها، وهذا لن يكون؛ لأنها محروسة بما لدى الثوار من وعي، يجعلهم قادرين على قراءة ما خلف السطور من دون عناء.
سوف تمضي الثورة إلى نهاياتها السعيدة بإذن الله، رغم محاولات المرجفين، والدولة العميقة، ولن يتساوى من نهبوا وقتلوا مع من كشفوا عورة الفاسدين، ويصرون على إحلال ثقافة الحياة محل ثقافة الموت التي برع فيها من يصوبون بنادقهم نحو رؤوس الشباب البض بلا رحمة.