جولة مع الشاعر اللبناني الدكتور محمد حسين بزي
لو بدأنا نسرد سيرة هذا الرجل لما استطعنا في هذه العجالة، فهو ناشر، شاعر، أديب، صحفي، ناقد أدبي، ومترف بأحاسيس جياشة تجاه بلده لبنان. تعرفت عليه وأنا أبحث عن دار تشترك معي في عملي “النشرويّ” ووجدته حاضرًا رهن الإشارة، تارة ناصحًا وتارة أخرى مساعد، رابطًا إيّاي بأيدي شد من الأزر، نستنير بها في ترهات الحياة المتشعبة.
والأهم من كل تلك الصفات أنّه باحث علميّ متمرس، له إصدارات كوكبية وجليلة تصل إلى تحقيق ومراجعة أعمال العالم الإيراني علي شريعتي. أما مؤلفاته الشخصية فهي 23 ما بين دواوين شعرية وروايات ومجموعات قصصية وكتب فكرية وفلسفية وسياسية وأبحاث أكاديمية. فنحن نقف يا سادتي أمام عالم علامة وحبر فهامة ينبغي أن ترفع القبعات أمامه لكل ما سطره قلمه وراجعه فهمه وحققه فكره في سبيل الاستنارة والتنوير.
وإذ نحن بصدد التعرف عليه اليوم نود أن نسلط الضوء على جانب واحد من جوانب إبداعاته المتعددة: الشعر ونظم القوافي.
إصدارة جديدة للشاعر اللبناني الفذ بزي:
أصدر الشاعر اللبناني محمد حسين بزي ديوانه الشعري الرابع الذي حمل عنوان “أغاني شيراز” عن دار الأمير في بيروت ضمن سلسلة اصدارات الدار للموسم الأول من العام الحالي 2022. ويأتي “أغاني شيراز” بعد ثلاثة دواوين كانت صدرت للشاعر هي “الغزل والمُسلّح” (1995)، “مرايا الشمس” (2015)، “أغاني قونية” (2016).
يقع “أغاني شيراز” في 166 صفحة من القطع المتوسط تتوزع على 80 نصاً شعرياً ما بين العمودي والتفعيلة والشعر الحر. وسيطلق الديوان ضمن فعاليات معرض بيروت العربي الدولي للكتاب الـ 63 الشهر المقبل.
إهداء الديوان كان لافتًا، “إلى عمري الذي مضى بين الظلال والشمس …”. ويبدأ محمد حسين بزي ديوانه بقصائد عمودية منها: “عفّة الصنم”، و “عمائم”، ثم ينتقل إلى قصيدة “غادرني فيّ وإليّ” لمولانا الرومي”، ويحاكي ابن عربي وشمس تبريز في عدة قصائد منها “قمر شيراز” و “أجدادي في الحب”، ثم يجنح الشاعر للغزل في عدة نصوص منها “المتسللة” و “أسرار حبيبتي” و”أحبك كلك” و “حبيبتي الشيوعية”، حيث حضور الثائر الأممي تشي غيفارا في أكثر من نص امتزج فيه الحب مع الثورة، ويختم بزي ديوانه الجديد بقصيدة مؤثرة أهداها إلى روح والدته.
من قصائد الديوان:
إلى مولانا جلال الدين الرومي … غادِرني فيَّ وإليَّ
غادِرني فيَّ ..
وإليَّ …
(قونيه) قِبلةُ عشقٍ
طلّتْ من عينيَّ
غادِرني فيَّ ..
وإليَّ …
واعزف قطراتِ الشمسْ
لحنًا يشربني
من تبريزَ
وحتى الأمسْ
الواقفِ بين العِمّة والرأسْ
والنور هنا مولانا ..
غادِرني فيَّ ..
وإليّ …
وامسح وجهي
باللون الأخضرْ
كي أخلعَ عِمّة عقلٍ
باتَ بنا صنمًا بل أكثرْ
غادِرني فيَّ ..
وإليًّ …
أنا ليس لديَّ
ما يذكرْ
غادِرني فيَّ ..
وإليَّ …
كي أغدو أصغرْ
كي أطوي السبع طباقًا
بل أطويها العشرْ.
أجدادي في الحبِّ
أجدادي في الحبِّ …
وُلِدوا من صلبي
كانوا عشاقًا
من بعدي
لكنّهمُ ..
ما عشقوا
بسوى قلبي.
وأحبُكِ كلَّكِ
… وأحبُكِ كلَّكِ
حتى الظلَّ
الناعسَ بالوردِ
الراجفِ
تحت العينينْ
وأحبُّ اللونَ المنطفئَ
المغسولَ
بدمعِ العينِ
وخطَ الكحلِ
المسفوكَ
كظلّ الليلِ
الغافي تحت الأحداقْ
وأحبُّ الأوراقْ
ألَمشعولةَ رقصًا
بين النحرِ
وبين الصدرِ
وفي النهدينْ
ينتفضُ القمرُ الأخضرْ
كي يشرقَ عمري
تحت الظلِّ الأحمرْ
ثم ينامْ
ويسافرُ في الأحلامْ
مقتتلًا فيَّ الدّيرُ
ويحتربُ الرهبانُ
هنا
في الصحو
بذاك العربيدِ
وثم ينامْ
يكتبُ سِفرَ السُّكْرِ
على الشفتينِ
ولم يعبأُ
حتى الحرف يشيبُ
ويهرمُ في النهر الماء.
ولكي نتعرّف أكثر إلى الدكتور محمد حسين بَزّي نورد مختصرًا لسيرته الذاتية ومسيرته الشعرية والفكرية.
شاعر ومفكر لبناني، مواليد عام 1971م. دكتوراه في الفلسفة والتصوّف. صدر له أكثر من عشرين كتابًا وبحثًا في الفكر والسياسة والفلسفة والأدب والشعر. من بينهم أربعة دواوين شعرية.
تُرجمت بعض أعماله إلى اللغات: الفرنسية والإنكليزية والإسبانية والفارسية، ومؤخرًا إلى الإيطالية والتركية.
نال أكثر من ثلاثين شهادة تقدير دولية وعربية تقديرًا لإسهاماته الثقافية والفكرية، بالإضافة إلى عدة دروع تكريمية، وجوائز أدبية أخرى.
حظيت أعمال الدكتور محمد حسين بزي الأدبية بالكثير من الاهتمام، خاصة ديوانه الشعري “مرايا الشمس” ورواية “شمس” التي منذ صدورها عن “دار الأمير” في بيروت عام 2017م، في صفحاتها الـ 304 شغلت المثقفين والنقّاد والقراء على حدّ سواء. بحيث تتم ترجمتها إلى الفرنسية والإسبانية والإنجليزية والفارسية. كما صدر كتاب “قراءات نقدية في رواية شمس” كتب فيه أكثر من 12 ناقدًا وأكاديميًا من لبنان والعالم العربي قراءات نقدية حول الرواية؛ التي باتت تشكّل مع ديوان “مرايا الشمس” جذبًا للبحوث والدراسات الأكاديمية، حيث يقوم عدد من طلاب الدراسات العليا بإعداد رسائلهم الجامعية في الأدب عن رواية “شمس” و عن ديوان “مرايا الشمس” في كلّ من لبنان ومصر والجزائر وسلطنة عُمان .
ومن مقابلة صحفية أجريت معه حول الشعر والفلسفة:
• الشاعر والروائي والمفكر الدكتور محمد حسين بزّي ، كيف تقدم نفسك للقارئ؟
لم أدعِ يومًا أيًّا من تلك الألقاب، فضلًا أنّني أصلًا لا أؤمن بها، لأنّ الذي لا يشرّفه اسمه لا تشرّفه كل ألقاب الدنيا، فأنا لست سوى طالب علم على سبيل المحبة، أو قلْ: الإيغال في الحبّ الذي يوصل إلى المعرفة والفلسفة الحقيقية بعد التمكّن من أدواتها المعرفية تحصيلًا وممارسة.
• إذا تداخل الشعر مع الفلسفة ألا يحس أحدهما بالضيم؟ ألا تنتج بينهما علاقة جذب واعتراض؟
ليس هناك من مكان لـ إذا الشرطية، لأنّ الشعراء الحقيقيون كما الفلاسفة، يجعلون من الوقت وطنًا لأفكارهم، وطنًا لآلامهم، وطنًا لآمالهم، وطنًا للمكابدة وللقلق المستمر، وهذه لذّة لا تقاربها لذّة، حيث الإمساك باللحظة المشرقة وحتى الإشراقية بتعبير الإشراقيين؛ أو قنصها لتشييد وطن خالد من الأفكار. فالفلاسفة غالبًا شعراء، سيما الذين ينحون للذوق والتأمل الداخلي، عنيت بهم المتألهين أو الصوفيين، كذلك الشعراء في الغالب لا يخلون من فلسفة أو تفلسف، وهذا ما وجدناه مع صولون الإغريقي (640 – 560 ق.م.) ، و ابن سينا و الحلاج و المعري و عمر الخيام و ابن عربي و شيخ الإشراق السهروردي ، و طاغور و دانتي أليغييري و فولتير وصولًا إلى نيتشه وغيرهم الكثير.. وقديمًا كانوا يسمون “الراؤون” لما لأشعارهم من تأثيرات في الرؤى المعرفية للإنسانية. فطالما طرح الشعر سؤال الفلسفة، والفلسفة طالما كانت حياة السؤال. من هنا ليس من ضيم لأي منهما على حساب الآخر، فضلًا عن التعارض، بل كان التلازم بينهما في مسيرة تكاملية شرط أن يكون شاعرًا وليس مستشعرًا، وفيلسوفاً وليس مستفلفساً كما نشهد اليوم من ادعاءات الشعر والتفلسف، سيما مع فورة تكنولوجيا المعلومات.
• بين الفلسفة والشعر كيف تسرج اللغة وتُهادنُها؟
في الشعر أو الفلسفة، اللغة هنا تخلق ذاتها، وتنتج مبانيها، وتسرج معانيها في لحظة غير متوقعة وليست مسبوقة بتعيين أو تحديد، وفي الابداع ليس من مكان للصناعة المتعمّدة، لأنهما (الفلسفة و الشعر) كما الماء .. والماء إذا ما تفجّر؛ وجد طريقه.
• الشاعر لا يسمح لروحه وحرفه بالانبطاح حتى لو دخل خطوط الضياع. الدكتور (بزّي) كيف يواجه بياضات الوقت وفراغات الأيام؟
إذا الفراغ موجود فأنا غير موجود، هكذا نشأت.. فأنا وبكل بساطة وتواضع أعتبر أنني كبرت قبل جيلي، بمعنى أنني ومذ كنتُ في العاشرة من عمري لم أعرف الفراغ، فأذكر أنني في ذلك العمر (العاشرة) قد بدأت بالعمل، وكنت أتقاضى ما يكفيني أقساط الدراسة وثمن الكتب، كنت أعمل قبل الظهر وأذهب للمدرسة بعد الظهر، وطبعًا كنّا في آتون الحرب الأهلية اللبنانية، والتي كان من حسناتها أن شكلت لدي وعيًا مبكرًا بالسياسة ومآلاتهما.. فمثلًا أنا لا أذكر أنني اشتريت من مالي يومًا لعبة، بل كنت أشتري الكتب من المال المتبقي من راتبي البسيط، ولا أزال أذكر أول كتاب اشتريته في حياتي “شقراء في الأدب العاملي” لمؤلفه عبد الله الأمين.. وكان أن نشأت على صوت الوالد “حفظه الله” وهو يقرأ شعر الأقدمين، سيما شعر عنترة و المتنبي، وكنت دون العاشرة عندما كتبت أول بيت من الشعر ليكرمني الوالد مكرمة عظيمة بقيمة ذلك الوقت وهي ليرة لبنانية كاملة، بعد أن كنا نأخذ ربع ليرة “خرجية المدرسة”. أيضًا كان لمعلمة اللغة العربية الأستاذة لودي يشوع في مدرسة مار ساويريوس (التابعة لكنيسة السريان في بيروت) الفضل الكبير في اكتشاف موهبتي الشعرية، فطالما حمستني وأرشدتني وطلبت مني إلقاء الشعر في نشاطات المدرسة. لهذا كله لم أعرف الفراغ في حياتي، فضلًا عن الانبطاح أمام أي شيء، حياتي بدأت تحت عنوان وحيد هو التحدي ولا أزال مهجوسًا به.
• ماذا تعني لك مرايا الشمس و أغاني قونية ؟
مرايا الشمس الصادر عام 2015 هو الديوان الذي كتبته في حوالي 15 مدينة حول العالم، قضيتها بين حلّ وترحال، وهو شعر في الحبّ، ولا يخلو من غزل بطبيعة الحال، وبذلك هو ديواني الثاني (بعد ديواني الأول “الغزل والمُسلّح” الصادر عام 1995). في مرايا الشمس أحببت أن احتفظ بتلك الـ 20 سنة من عمري في إشراقات تلك المدن وما حملت من لواعج ومباهج في تاريخ اللحظة التي أمسكها الشعر. وقد ترجم الديوان إلى الفرنسية والإنكليزية والفارسية، ويترجم الآن إلى التركية والإيطالية والإسبانية.
من قصائد ديوان “مرايا الشمس”:
هِيَ النِّساءُ جَميعًا
وَكَيْفَ يَغْفُو الذي عَيْناهُ تُشْبِهُنِي
يُساهِرُ اللَّيْلَ حَتَّى يَنْزَويْ القَلَقُ
وَيَجْتَبي مِنْ مَعينِ العِشْقِ مَنْهَلَهُ
وَمِنْ خَوابيهِ زَهْوُ العُمْرِ يَنْدَلِقُ
مَنْ لي بِعِشْتارَ تَغْفُو عِنْدَ ناصِيَتِي
إِذا الصَّبابَةُ أَغْوَتْها فَتَنْعَتِقُ
مَنْ قالَ إِنَّ الأَضاحي جُلُّ مَمْلَكَتِي
فَفي رِحابي تَآخى السَّيْفُ وَالعُنُقُ
إِنِّي أَرَى الشِّعْرَ سَيْفُ العِشْقِ شَفْرَتُه
وَالخَمْرُ دَيْدَنُهُ وَالرِّيحُ وَالأَلَقُ
هُمُ النَّدامى وَمِنْ عِشْقِي صَبابَتُهُم
وَمِنْ جِراحي تَباهَى الأَحْمَرُ الغَسِقُ
هُبِّي إِلى الرَّاحِ ما في الكَأْسِ غَيْرُ دَمِي
عَشيقَةَ الوَرْدِ كَمْ يَحْلو لَكِ الغَرَقُ
لي غابَةٌ مِنْ أُوارِ الحُبِّ مَقْلَعُها
فيها الفُتونُ وَفيها التِّيهُ وَالقَلَقُ
فَإِنْ فُتِنْتِ فَهَذِي جَنَّةٌ فُتِحَتْ
أَبْوابُها لِجَحيمٍ ما لَهُ أُفُقُ
هِيَ النِّساءُ جَميعًا حِينَ أُلبِسُها
عَباءَةَ العِشْقِ لا نَوْمٌ وَلا أَرَقُ
وَجَّهْتُ وَجْهِي مَعَ الأَرْياحِ تَحْمِلُنِي
إِلى الحَبيبِ إِذا ما تاهَتِ الطُّرُقُ
مَنْ ذا الذي قالَ إِنَّ الدَّرْبَ مُوحِشَةٌ
فَقاصِدُ الدَّارِ مُعْتَزٌّ بِمَا يَثِقُ
فَامْشِ الهُوَيْنَى فَهَذا اللَّيْلُ مُرْتَحِلٌ
وَراقِبِ الأُفْقَ إِنَّ الفَجْرَ يَأْتَلِقُ
مَنْ قالَ إِنَّ السَّرابَ الهَشَّ مَهْزَلَةٌ
فَقَدْ يُبيحُ حَناياهُ وَيَنْعَتِقُ
إِنَّ السَّرابَ سَرابَ العِشْقِ مُعْضِلَةٌ
تَراهُ يَكْشِفُ حيناً ثُمَّ يَخْتَلِقُ
لا تَخْشَ ماءً أَثارَ الوَجْدُ صورَتَه
وَخُذْ بِآثارِ مَنْ ضَحُّوا وَمَنْ عَشِقوا
وَاخْتَرْ لِعَيْنَيْكَ أَيَّ المَشْهَدَيْنِ تَرَى
وَثِقْ بِحَدْسِكَ فَالنُّعْمَى لِمَنْ وَثِقوا.
أمّا أغاني قونية الصادر عام 2016 فهو ديواني الثالث الذي كتبني قبل أن أكتبه، وهو الأحب إلى قلبي من بين كلّ شعري على عكس ما يتوقع الكثيرون.. فهو أغاني المدينة التي احتضنت مولانا جلال الدين الرومي وردحًا من حياة شمس الدين التبريزي، قونية التي أشعلتني بخضرة نور مولانا لأحترق بناره البيضاء، أو ناره التي لا لون لها (اللا لون)، سوى لون الحبّ المتجرّد من كل ألوان التعصّب والكراهية.
من قصائد ديوان “أغاني قونية”:
اعْتِرافِي الأَوَّلْ.. النُّشُور
لِفِطامِكِ يَوْمَ نَذَرْتُ أَصابِعَ رُوحي
كانَ الشِّعْرُ دَماً يَتَضَاعَفُ فِيَّ
كَوَرْدَةْ
وَالبَدْرُ يُطِلُّ مِنَ الشِّرْيانِ كَطِفْلٍ
يَحْرُسُ حُلْمَكِ، حِلْمَ جُنونِي
قَدْ رَبَّيْتُكِ دَهْراً بَيْنَ عُيونِي..
لكِنَّكِ أَنْتِ
هَزَمْتِ بِمَا هِيَ أَنْتِ
وَذا نَبْضِي يَتَبَدَّى مُعْتَرِفاً
وَسَأَعْتَرِفُ …
مَعَ شَمْسٍ تُبْدِعُ نَصْراً
في كَوْمَةِ أَحْلامٍ تَتَأَلَّه فيَّ..
وتَنْجَرِفُ ….
هَدَرُوهُ الآنَ دَمِي
ما هَمَّ
وَفَوْقَ صَليبِي فَلْأُحْرَقْ
لكِنَّ رَمادِي
صَفْوَةُ خَلْقِي القادِمِ
هذي
بَدْءُ أَساطيرِ نُشوري.
أيضًا، أكتب الآن رواية عن حياة وفلسفة مولانا جلال الدين الرومي وشمس تبريز اسميتها “في حضرة العشق”، وكنت بدأتُ في كتابتها سنة 2016 عندما رزت ضريحه في قونية، وأقول في بدايتها:
“لا تعلمني أنّني دائمًا على حق..! بل علمني كيف أحِبّ؛ كي أصل إلى الحق.
مولانا في الغربة الشرقية، لم يشأ إلّا أن أتوضأ في داره المُهدى إليّ، منه إليه.. عنه فيه، وفيه ما فيه.. بعد أن شربتُ خمرة نوره الشرقي؛ بدأ العبور من الشوق إلى الاشتياق .. كان اليوم أحد، والرقم 17 السابع عشر، تمام السبعة في الأشواط .. وانتهاء العد بالواحد .. نظرتُ في عينيه المحدقتين من بعيد مسلّمًا، فألقى بوردة حدّ الابتسامة …! وبوِردٍ يستنزل الغيث وراء الباب القمحيّ ..
مشيتُ في طريقي وأنا أعانق ظلًا كان سكنني في ياقوت الوقت ..! كأنّ المطر كان يشربني ولا أدري من الساقي ؟! هل السماء خضراء إلى هذا الحد تحت العِمّة اللّبَد..؟! نفحة من شمس تبريز … شتان …”
ويختم “بزي” برسالة إلى القرّاء، فيقول:
أدعو إلى إطلاق واحتضان وتعميق وتعميم ثقافتين: ثقافة المحبة وثقافة الحوار، فهما كُنه وأسّ الإنسانية والدين والأخلاق.. وإلًا فالبشرية ذاهبة إلى توحّش خطير لم تشهده من ذي قبل، خاصة مع مخاضات جائحة كورونا التي لم نرَ نتائجها حتى الآن.