أبداً كنت تعاين في مرآة خيالك
تبصر طيفاً يشبه ذاتك!
تبسم، تقبض وجهك
ثم تردّد في أعماقك :
جُندُكَ لا يعصُون الأمرْ
وحولك حشدٌ طوْعَ بنانِكْ
فافعلْ كيف تشاءْ!
واطرحْ رحلَك فوق النجمِ
وعرشَك فوق الماءْ !
وهذا الرّيح جوادُكَ
فاسْرِجْ خيْل الرّيحِ.. تنكّبْ رمْحَك!
والبس درعك !
واسرعْ قبل فواتِ الوقتْ
فإنّ عدوّك يتبع ظلّك!
كنت تقول .. وتنظر في مرآة خيالك
تبسم ثم تشيحُ وتقبضُ وجهَك!
(2)
يتكرّر نفسُ المشهدِ
تسمع صوتاً يشبه صوتك!
تبصر وجهاً يشبه وجهك
كنت تحدّق.. عجبا هذا أنت !
ووجهك ماذا قال؟ أيضحك منك.. ترى
أم يبسم لك ؟
وتقبضُ وجْهَك! تغضبُ .. ترجُفُ .. تزبدُ
تأملُ لوْ تغتالُ غريمَك
يضحك وجه خيالِك ، يرفعُ شارةَ نصرٍ
ثمّ يشدُّ لجامَ الفرسِ الجامحِ..
قبل الفجرِ ويرحلُ عنكْ !
(3)
وتطلع شمس ، تفضح سر الليل
وأضغاث الأحلام
لتصحو أنت من الكابوس
ومن رتْلِ الأوهامْ!
يا دون كيشوت
ينام الكلُّ ولستَ تنامْ !
ما بالك تحملُ سيفـاً من خشب
وحصانك يعرج ُ..
والأشياءُ تبدّلُ هيْئتَها
وتلوحُ كما لوْ أنّ الساحةَ غيْرُ الساحةِ..
والأعداءَ شجرْ !!
ما للقمرِ الشاحبِ يسقطُ في..
أعماقِ اللجّةِ محْضَ حَجَرْ؟..
إسمع منّي.. واخلعْ ثوبَ النُّصحْ !
فمثلُك ليس يرى من روعةِ هذا الكونِ
أديماً غيْرَ القُبْحْ!
يا دون كيشوت ترجّلْ هذا غيرُ زمانِكْ!!
ليتك تنظرُ خلفك
وانظرْ سرجَك.. هذا ليس حصانِكْ ..
يا دون كيشوت!!
مأساتُك يا مسكينُ بأنك تجهل ..
نبض الشارعِ روحَ الأمّةِ.. أصل الحُبْ!
وكيف يغني الجدول للأشجار وكيف يناجي العُشبْ
وكيف يموت الخوف ويحيا الشعبْ !
————- ————
- من ديوان (المشي على الحبل المشدود) – يصدر قريبا
عن دار المصورات للطباعة والنشر.
fjamma16@yahoo.com