(1) المواطن السوداني جالس في عنق الزجاجة، يبذل جهوداً مقدرة للخروج منها، وكلما كاد يصل إلى بر الحياة الطبيعية، كأي انسان طبيعي، جاءت سلطة انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، فقلبت الزجاجة، فرجع الى قعر الزجاجة من جديد، ولكنه لن يستسلم لأنه يعلم أن من كد وجد، وجد هدفه وغايته في نهاية كده، وان من قصد البحر استغل السواقيا فوصل إلى شاطئ الأمان، ومن واصل كفاحه، وصل الى تحقيق أهداف ثورته، حرية سلام عدالة، وفي سبيل ذلك بذل روحه ودمه.
(2) وهو يعلم أن اللجنة الأمنية للمخلوع البشير، لا تبحث عن ذرائع لارتكاب كثير من جرائمها، بل انها ترتكب تلك الموبقات، من قتل النفس كمثال، ثم تجد كثير من المحللين السياسيين والخبراء الأمنيين، يمدونها بالذرائع، وهؤلاء لو صمتوا، ربما كان صمتهم كفارة لهم على ما اقترفوه في حق الوطن والمواطن خلال ثلاثة عقود، إبان مشاركتهم للمخلوع البشير، في كل جرائمه، ان لم تكن مشاركة فعلية، فقد شاركوه بالتواطؤ والصمت.
(3) هذا الامر دفع الانقلابيين، الى المزيد من التهور، او ان شئت الدقة، فقل الى المزيد من الاستخفاف بالمواطن الثوري، واستسهال اعتقاله، لا لشئ سواء مطالبته بالحرية والسلام والعدالة، والاعتقال في الدول المتحضرة يتم وفق القانون والتشريعات ولاسباب معروفة، ولكن الاعتقال بالسودان (غير)!!فهو يقع للمعتقل، دون توضيح الأسباب، او ربما لا توجد أسباب(من اصلو) ولكن الشقي معلوم بأنه يجد (العضم في الفشفاش)وربما مرورك أثناء حملات الاعتقالات، تجعلك ضمن المعتقلين، وما عليك إلا أن تردد(الاعتقال مع الجماعة عرس).
(4) والشئ الملاحظ في حملات الاعتقالات، التي عمت كثير من المدن والقرى السودانية (قرية باسندة بولاية القضارف نموذجا) ان الجهات الأمنية، لا تعطي المعتقل أو أهله وذويه، فرصة (التشهد) ولا تخبرهم الى أين ذاهبون بالمعتقل، وكل إفادات واقوال أهل المعتقل تقول إن جهات أمنية، ترتدي الزي المدني، اعتقلت ليلة الأمس فلان الفلاني، واقتاده الى جهة غير معلومة..!!
(5) لذلك من هنا نطالب بانشاء وتكوين (البوليس السياسي) وهو أفضل من تلك القوات الأمنية الملثمة، والتي تقود سيارتها دون لوحات أو أرقام، وهي بذلك تخالف قوانين المرور، ولكن من من أهل المرور، يستطيع أن يقول البغلة في الابريق؟لذلك نطالب بانشاء وتكوين (البوليس السياسي)!!وهو بالضرورة سيكون معلوم من هم أفراده، ومعلوم اين موقعه، وهذه المطالبة، هي نوع من تحسين شروط الاعتقالات العشوائية، !فالغالبية ترغب باعتقالات مقننة وممنهجة، بل يجب أن تكون معتقلات خمس نجوم، لفئات من عمر سبع الى سبعين سنة، مع وجود اماكن خاصة للسيدات!!
(6) ونحن في الألفية الثالثة، فلا نرضى أن تقول الدول من حولنا أن السلطة الانقلابية بالسودان عجزت عن إعتقال كل الشارع الثوري، لأنها لا تملك (بوليس سياسي)، وما ضاق الوطن لكن كبرت الزنزانة!!.
الجريدة