في ظل الأنظمة الديكتاتورية يتبرع بعض الكتاب بالهجوم على الأحزاب بحجة أنها فشلت في تأمين الديمقراطية بل أسهمت بخلافاتها في إضعاف الحراك السياسي، ولا أبرئ نفسي من مثل هذا في مرحلة من مراحل فترة الحكم المايوي .. لكن أن يتبرع بعض الكتاب بالهجوم على الأحزاب والرموز السياسية في ظل انقلاب إدعى قائده بان ماقام به حركة تصحيحية وأنه ملتزم بالانتقال المدني الديمقراطي فهذا يعني دفاعهم عن الانقلاب المنكور.
نحن لاندعي الكمال للرموز السياسية السودانية لأنهم بشر يخطئون ويصيبون لكن لايمكن تعميم الأحكام عليهم خاصة في ظل وضع انقربي لأن ذلك يؤكد أن من يهاجمونهم مع استمرار الحكم الانقلابي كما يرغب منفذوه لحين إجراء انتخابات يستعجلون قيامها دون أن يوفروا المناخ الصحي لقيامها لصالح الذين كانوا متمكنين في الحكم على مدى ثلاثين عاماً ومازالوا متحكمين في مفاصل الدولة ويسعون لحماية مصالحهم وعرقلة كل خطوات الاصلاح الجذري الأهم لتأمين التغيير واسترداد الديمقراطية.
كذلك عندما نتحدث عن قوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية لثورة ديسمبر الشعبية فإننا لانتحدث عن كيان سياسي متسلط يريد أن يستمر في الحكم لأنه كما هو معلوم تكون من تحالف عريض من بعض الأحزاب والإتحادات المهنية ومنظمات المجتمع المدني، وكان من الأجدى لهم الحفاظ على تماسكهم لحين انجاز المرحلة الانتقالية لكن للأسف حدث ماحدث ولا داعي الان للتلاوم غير المجدي لأن السودان في حاجة لتماسكهم وصمودهم خلف الجماهير الثائرة المتحدة المصممة على استرداد الديمقراطية، من أجل استرداد عافيتهم السياسية والديمقراطية وتأمين وحدتهم في مواجهة الانقلابيين والمتامرين والمتشككين في قدرة المدنيين على الاتفاق والصمود لحين تحقيق مهام المرحلة الانتقالية.
إن قوى الحرية والتغيير يمكن أن تستوعب شركاء السلام الذين لم يشاركوا في الانقلاب وممثلين للجان المقاومة على أن تسرع بانتخاب ممثليها وهذا يتطلب أيضاًعودة الذين خرجوا والذين جمدوا نشاطهم في قوى الحرية والتغيير واستعجال انتخاب قيادة مؤقته لاستلام سلطة الحكم الانتقالي.
أما القوات المسلحة والقوات النظامية المعهودة فإنها مكان التقدير والاعزاز فقط لابد من الإسراع في تنفيذ عملية التسريح وإعادة الدمج وفق القوانين والتراتبية النظامية ومعالجة الحالات التي لا تنطبق عليها المواصفات في مجالات الخدمة المدنية، مع التنفيذ الفوري لقرار مجلس الدفاع والأمن بجمع السلاح من كل القوات غير النظامية بعيداً عن افتعال خلافات لاتخدم لأي طرف قضية.
لاخلاف في أن الوضع الان مؤسف وحزن ومحبط ويهدد بخطر محدق بالسودان وليس من مصلحة أي طرف تأجيج الفتن المجتمعية والمناطقية وافتعال معارك خارجية ليس الان أوانها، وترك التفلتات الأمنية على غارب شركاء الانقلاب الذين بداوا للأسف يتصارعون فيم بينهم دون اعتبار لمصلحة الوطن ولا المواطنين.