رحل الشيخ سراج النور أحمد كما ترحل سحابة دعاشية ماطرة كانت كعادتها تعم الأرض والناس بالخير والخضرة والجمال…
رحل بطيبته وسماحته وعفافه وروحه الطاهرة النقية… رحل إمام المصلين في فريق الخليفة حسين الجعلي في أوقات الصلوات وشهر رمضان الكريم..
وكان في حقيقة الأمر “الشيخ” بين الناس اسما ومسمى كما أنه في واقع حياتهم كان تعامله معهم هو “الشيخ” الذي يخاف الله في عبادته وخلقه وأخلاقه وسلوكه وفي علاقته مع الكبير والصغير منهم. الابتسامة كانت لا تفارقه ابدأ وفي محياه هاشاً باشاً منطلق الوجه والسريرة في تعامله الحياتي مع كل من يلتقيه صغير طفلا أو كبيرا، كأنه يعيش في لحظة نعمة وفرح دائم..وكانت بساطته الفطرية وروحه الملائكية مفتاح السر الذي يميزه ويدخل شخصيته في ترحاب ومحبة ومودة في قلوب الناس.. كل الناس بلا تحديد ولا وصف…
الرجل كان محباً بمعنى الكلمة وعاشقاً لشراب الشاي واشتهر بتناوله بلا عدد ولا كمية ويحبه حباً جماً حيث يستمتع بارتشافه بصوت موسيقي طويل مسموع.. وكان شراب الشاي والاحتفال به فخماً وممتعاً حينما يجتمع فريق الخليفة حسين الذي تعوًد ساكنوه وكلهم أهل بتناول وجبة الغداء في مكان واحد وكل يأتي بصينية غدائه ويصل عددها إلى قرابة العشر صوانٍ وكذلك صواني الشاي إلى نفس العدد وتضج الونسة وتعلو الأصوات والضحك بين المجتمعين الذين يتوسطهم زعيم الونسة والضحك طيب الذكر نجار الهلالية الماهر رحمة الله عليه الخال عثمان الفقير ضابط إيقاع المضحكات من القصص ونوادر ما يصله من ما يحدث من تصرفات ومداعبات فكاهية وفرائحية يكون أبطالها رجال أو نساء من عامة الهلالية يتوصل إليها من زبائنه في دكان نجارته المشهور القابع على الضفة الشرقية من امتداد خور فريق الفرحاب قرب معانقته لخور “جماع” الذي يصب في نيل الهلالية الدفاق… رحل الشيخ وترك لنا ذكرى طيبة عطرة وحبيبة إلى نفوسنا وندعو له بالرحمة والمغفرة ونبتسم حينها لأن شخصه المبتسم يمر عابراً في رحاب تذكرنا له
عزالدين الجعلي- الرياض