أمدرمان- التحرير:
تناولت خطبة الجمعة التي ألقاها نائب الأمين العام لهيئة شئون الأنصار آدم أحمد يوسف، بمسجد الهجرة بودنوباوي، اليوم (8 سبتمبر)، قضيتن، الأولى تتمثل في الجدل حول مسألة حذف بعض الكلمات في منهج التربية الإسلامية، والثانية تكمن في مرور الذكرى الرابعة لانتفاضة سبتمبر 2013 بعد أيام.
وعن القضية الأولى قال إن “حواراً جدلياً كبيراً دار في الأسابيع الماضية، في مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض مراكز الإعلام والمراكز الثقافية والدينية، وذلك بسبب حذف بعض مفردات في منهج التربية الاسلامية (بعنوان الاسلام دين التوحيد) وتنقية العقيدة من الخرافات، وثارت ثورة كلامية بين الفرقاء واحتدوا في الجدل والنقاش وتصنف الناس الي جماعة سلفية وأخري صوفية”.
وأضاف “إزاء هذا الموقف نقول إن واقع المسلمين اليوم يقول إن الأمة الإسلامية منقسمة الى سنة وشيعة، وفي بطون هذين القسمين هنالك أكثر من بضع وسبعين فرقة، وكل فرقة لها حججها في صحة منهجها ونحن نقول إن الذي يلزم كل هذه الفرق هو القطعي وروداً والقطعي دلالة من كتاب الله وسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم”
وشدد على أن الكتاب كله قطعي الورود، ولكن بعض نصوصه ظنية الدلالة، أما السنة فتنقسم الي مشهورة ومتواترة وأحاديث آحاد، فالمشهور والمتواتر متفق عليه لحد ما، أما أحاديث الآحاد فمكان خلاف كبير بين العلماء.
الخلاف بين السنة
وقال إن الخلاف الذي نحن بصدده اليوم بين فرق السنة، وهذا الخلاف قديم قدم المذاهب السنية، التي جاءت عقب فترة الصدر الأول، والتي تسمي بفترة التابعين، وكان أول الأئمة المجتهدين هو الامام محمد أبو حنيفة النعمان ووصلت المذاهب الى بضع وثلاثين مذهب اشتهرت منها اربعة وصارت مذاهب غالبية المسلمين السنة وهي: مذهب الامام أبو حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام احمد بن حنبل.
وأضاف “جاء بعد ذلك مشايخ الطرق، والذين تمذهبوا وفق المذاهب الأربعة المشهورة. وانتشروا في الأمصار يعلمون الناس الدين وهؤلاء الأئمة والمشايخ الذين جاءوا من بعدهم جميعهم متفقون على التوحيد الخالص لله. ولا خلاف في ذلك.
ورأى خطيب مسجد الأنصار أن الفتنة التي نحن بصددها اليوم جاءت مع مجيء الإنقاذ (حكومة الرئيس عمر البشير) والتي شعارها صياغة إنسان السودان، ولكي تصوغ الانسان لابد لك من أن تغير مفاهيمه ومعتقداته، لذلك كانت “الإنقاذ” في أيامها الاولي مهمومة بغرس عقيدة الجهاد لذلك عسكرت كل الشعب السوداني، وفرضت علي كل الموظفين والطلاب التدريب العسكري تحت اسم الدفاع الشعبي، وكانت كل وسائل الاعلام مسخرة في تغيير المفاهيم والمعتقدات، حتي موسيقي الأخبار كانت تعزف بصورة جهادية.
ولفت إلى أن جهاز التلفاز فكانت أشهر برامجه ساحات الفداء، والتي سمعنا فيها الغريب العجيب، ومن ضمن سياسة “الإنقاذ” ارضاء الجماعات المختلفة، وكل جماعة لها أهدافها وبرامجها، لذلك أصبح منهج التربية والتعليم عرضه لأهواء تلك الجماعات، فكل جماعة تريد ان تنشر افكارها ومعتقداتها حتى تضمن صياغة مجتمع الغد.
فتنة دينية
وأكد أن الفتنة الدينية التي نعيشها اليوم في مجتمعنا السوداني لم تقف عند حد المناظرات الكلامية، ونخشى أن تتطور الي ما لا يحمد عقباه. ونقول ان المناهج الدراسية ينبغي ألا تعبر عن منهج وتوجه جماعة معينة دون غيرها وينبغي ألا تتعرض المناهج المدرسية الي الخلافات المذهبية، وعليها الالتزام بالقطعي المتفق عليه حتى تمثل مشارب ومذاهب الجميع.
ودعا ” كل جماعة إلى أن تدرس مناهجها ومذاهبها في مدارسها الخاصة وألا يتعرض المسلم لتكفير أو زندقة أخيه المسلم فالجميع أهل قبله”.
وتابع: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (من صلي صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله، وذمه رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته. رواه البخاري واخرجه النسائي أيضاً.
خطاب التعصب
ورأى أن الخطاب الاسلامي اليوم يعاني من التعصب المذهبي الذي يصل احياناً لدرجة تكفير المسلم أخيه المسلم وقال “هنا تحضرني طرفه أن جماعة صينين جاءوا ليعلنوا اسلامهم عند بعض المسلمين، فقالوا لهم وعلى أي المذاهب تريدون أن تكونوا؟ فقالوا لهم سنرجع حتى تتوحدوا”.
وقال خطيب الجمعة “أنا شخصياً عشت هذه الأزمة عندما كنا معتقلين في سجن كوبر، كان معنا مسيحي يدعي تتروس مبرهتو، وهو إريتري الجنسية وكان عباس الباقر الذي قتل المصلين في مسجد الجرافة سجيناً معنا، وقد كفرنا جميعاً لأننا لم نكفر الذين سجنوننا، وكان يقول لهذا المسيحي أسلم يا تتروس تسلم، فكان جواب المسيحي: إذا اسلمت ستكفرني كما كفرت اخوانك المسلمين.
وأضاف نائب الأمين العام لهيئة شئون الأنصار ” إنها مصيبه وكارثة شوهت سماحة وعدالة الإسلام، فعلي القائمين بالأمر من أمراء وقيادات الجماعات الاسلامية المختلفة ان يتقوا الله في الاسلام وأن لا يحجروا واسعاً”
ذكرى انتفاضة سبتمبر
القضية الثانية التي تناولتها الخطبة تمثلت في مرور الذكرى الرابعة لانتفاضة 13 سبتمبر 2013م بعد أيام، و قال إنه “راح ضحيتها ارتالاً من شهداء الشباب الذين خرجوا ليقولوا لا للاستبداد، لا للظلم، لا للحرب، لا لغلاة الأسعار، فكانت التعليمات التي صدرت من مسؤول كبير بهذه اللغةshoot to kill (أضرب لتقتل) ونفذت التعليمات، فسقطت المئات من الأرواح البريئة”.
وشدد على أن شهداء سبتمبر هم ” شهداء الحرية والكرامة والمطالبة بحقوق الضعفاء والمساكين”، ودعا الله أن يتقبلهم في أعلى علين مع الأنبياء والصالحين وأن يخلص بلادنا من كل مكروه أليم.
رسالتان إلى كينيا
أشار الخطيب أيضاً إلى رسالتين بعث بهما رئيس حزب ” الأمة القومي” الإمام الصادق المهدي، الأولي لرئيس جمهورية كينيا، وذلك لاستجابته بالمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية إثر اتهامها له، وبذلك يكون الرئيس الكيني قد جنب بلاده شر العقوبات غير المباشرة. أما الرسالة الثانية فأرسلها لرئيس المحكمة الدستورية في كينيا، وذلك لدعمه الشجاع للعدالة، عبر حكمه بشأن الانتخابات في كينيا.
وقال الخطيب إن المهدي ثمًن دور الرئيس الكيني ورئيس المحكمة الدستورية الكينية، وجعلهما من صناع التاريخ في قارتنا، التي لا يحترم معظم رؤسائها العدالة، وغالباً ما تكون السلطة القضائية فيها تحت رحمة الانقلابيين.