هناك فاقدٌ قانوني هائل في الثقافة والمهنة السودانية، لم يكن واضحاً في بداية استقلال البلاد حتى عام 1964 في ثورة أكتوبر حينما قامت هيئة الأحزاب باتفاق “عفى الله عما سلف” لتنازل الرئيس إبراهيم عبود، بدون أي تعويض قصاص لأسر الشهداء، حتى لو دفع من ميزانية الدولة. ثم هناك المشادة في البرلمان حيث تهجم السيد أحمد المهدي بعصاه. وهناك قرار طرد نواب الحزب الشيوعي من الجمعية التأسيسية ما أدى طبيعياً إلى انقلاب مايو اليساري، ثم كثيراً من أخطاء نميري في حكمه وما أعطته لقب أب عاج.
ولكن في محاكمات سدنة مايو، كان التقدم القانوني جيداً، وأذكر وقتها في صولات مولانا شدّو، كان هناك مهنية عالية، وأذكر وقتها إشارته لحالة نية جنائية نفذت في المجنى عليه من دون قصد، وشرحها وهي ما تسمى في القانون “مِنْزْ رِيا”، وهو تعبير لاتيني ل “النية المنقولة” وكانت قد جذبت إعجابي.
لكن أنظر ما جرى في الإنقاذ وفلاسفته ومهندسي قوانينه: كل منحى مستجد بني على خط قانوني عاجز ومنطق مفلس.
وكان اوسعه فشلاً قاعدة كل شيء لله وولاية السلطان على ولاية الأفراد، هذا خلاف القوانين العديدة والتي كان حكمها إنها ليست قوانين إنما أوامر غير دستورية، مثل قانون التوالي وقانون التحليل.
ولكني هنا أعطي أمثلة لذلك، ولكني أحذر فيما تدنّى فيه القانون وتلوّثت فيه الشرعية منذ بداية الثورة حتى ميثاق لجان المقاومة الحالي.
قامت الثورة بقيادة ما سُمّيَ بتجمّع المهنيين، وسرعان ما حوّله سماسرة السياسة إلى قوى الحرية والتغيير، من دون إجراءٍ قانوني ينقل المسئولية منا الإسم الأول للاسم الثاني بما فيه الإعلان قبله وسماع من يعترض عليه خاصةً لو فيه نقطة نظام تمنع الاستمرار فيه. وقتها كتبت مقالاتٍ أحذر فيها. كنت أعترض على دخول الأحزاب والحركات المسلحة قبل تحديد ميثاق لذلك الجسم.
https://sudaneseonline.com/board/7/msg/1555384053.html
https://sudaneseonline.com/board/7/msg/1555979957.html
حذار …. وعاجل… الجزء الثاني بقلم سعيد محمد عدنان
https://sudaneseonline.com › msg
لما اتضح أن في قوى الحرية والتغيير أحزاب عقائدية كالشيوعي والبعث، وحزب الأمة الطائفي والعدل والمساواة شريك الإنقاذ في انقلاب 89، كنت قد طالبت: قبل انخراط أي حزبٍ في الثورة، يجب أن يقدم برنامجه الذي لا يحوي وصاية دينية، عرقية أو اجتماعية، حتى لا تتسلل الأحزاب أو الجماعات المندحرة، وكذلك يمنع الإقصاء سواءاً للمؤتمر الشعبي، جماعات انصار السنة أو المؤتمر الوطني، بعد إقصاء من شارك في نظام الإنقاذ أو عليه تهم فساد، لحين تبرئته.
بعدها قامت شراكة مع مجلس أمن البشير المسمى بالمجلس العسكري، وكتبت وقتها مقالاً أحذّر من ذلك بأنه تصرّف غير قانوني ويلغي بتاتاً كونها ثورة، وتٌعدّ انقلاباً من ابن عوف ثم انقلاباً عليه من البرهان:
https://sudaneseonline.com/board/505/msg/%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9%D9%8C-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%8E%D9%83%D9%84%D9%89-%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85-%D8%B3%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B9%D8%AF%D9%86%D8%A7%D9%86-1603120143.html
ثم شهدنا محاكمات المخلوعين وكانت فوضى وعجز قانوني. وشهدنا مجزرة فض الاعتصام والتحقيق فيها الذي قام به نبيل أديب وكان الأداء عاجزاً خجِلاً، وكان الاستسلام، وهو عجز المحامين في السودان، هو خنجر الخلاص.
وتواصلت إبداعات عبد الفتاح البرهان الذي يتوجّب أن يكون قد درس القانون في الكلية الحربية، يلعب بالقانون كالدمية في يد طفلٍ فطيم (وشقي) يجدع اللعب من أعلى المبني ويجدع البزازة من شباك السيارة ويدعك المصاصة في الأرض، ويبكي ويخبط رجليه.
اعتمد عبد الفتاح قائد انقلاب 17 أغسطس عام 2019 على حكومة انقلاب 11 أبريل 2019، لإدارة الفترة الانتقالية، ثم انقلب عليها مرةً أخري يوم 25 اكتوبر 2021. خلال تلك المدة كوّن مجلس السلام وأصاغ فيه قوانين لهيكلة الحركات المسلحة، ودمج الدعم السريع في القوات المسلحة، وهو يدّعي الالتزام بالوثيقة الدستورية التي يعدلها كما يشاء، وهو يعلم عدم قانونيتها بعد انتفاء موقّعيها بأمره شخصياً.
ونعود للعلاقات الخارجية فقد تدخل البرهان بأمره الفردي في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، والانحياز لروسيا، وإرسال وفد لتأييد تعديها المسلح على دولة مستقلة، حيث تبرع نائبه وبحضور وزير ماليته بمبلغ 200 مليون دولار للطلاب في روسيا، ليس لاحترامه للطلاب ولا للعلم، ولكنه تحدي علني للعقوبات الأمريكية على تداول النقد مع روسيا، وهو يعلم حينها أن تلك الدفعية ستسحبها أمريكا من المقاصة، أو من حساب السودان. ولا احد يسأل على أي أساس هذه الأريحية المرتجلة؟ وسمح البرهان بالتدخل الأجنبي في السودان لاستغلال السودان وموارده لحمايته شخصياً كما استباح ذلك سابقه المخلوع البشير والذي رمى السودان في أيدى الدول الأجنبية ثمناً لحمايته من المحاسبة القانونية في فساده وجرائمه.
اليوم في البرلمان البريطاني تحدث زعيم معارضة اسكتلندا متهماً رئيس الوزراء بأنه يحاول أن يضلل النواب، في التهمة الموجهة أليه بأنه حضر احتفالاً في مبنى رئاسة الوزراء حينما كان هنالك حظرٌ للتجمعات بسبب الكرونا، والذي كان البرلمان قد كلّف إحدى النواب لعمل تحقيق ورفع تقرير للبرلمان، ولكن الشرطة قامت بالتحري وبالتالي حظرت نشر التحقيق للبرلمان حتى لا يؤثر على مجرى العدالة والذي لا زالت الشرطة تعمل فيه، فطالب النواب رئيس الوزراء بالاستقالة طواعية لقفل ذلك الموضوع ولكنه رفض وقال سينتظر قرار الشرطة أو وصول تقرير النائبة البرلمانية.
زعيم معارضة اسكتلندا طرد من جلسة البرلمان لعدم سحب اتهامه لرئيس الوزراء بانه يحاول تضليل البرلمان.
أين نحن من القانون؟
وهلّ علينا اليوم ميثاق لجان المقاومة ب:
لا شراكة ولا تفاوض ولا مساومة: المقصود بذلك المجلس العسكري، ولكن لا أرى ما يمنع بالتفاوض من وسيط، ليس في شراكة العسكر، إنما في انسحابهم من الصورة نظير العفو عنهم في القصاص حسب الآية الكريمة، على تقوم الثورة بسداد ديتهم إما من العسكر أو من الخزينة العامة وإكرامهم بما يليق كما اقترحت أيضاً
الإشارة للوثيقة الدستورية وما قبلها وما بعدها كلها بكاء على اللبن المدفوق. كما ذكرت أعلاه هذه المسميات ساقطة قانوناً.
حظر الأحزاب الأيدولوجية أو تحجيمها خطأ، وحظر الأحزاب السياسية وتحجيمها أيضاً خطأ. الأحزاب تٌقيّد ببرامجها الملتزمة بالحرية التامة، أي عدم الوصاية العرقية، الدينية أو الطبقية، وتصنيف مسميات الأحزاب المعلوم عالمياً بعيوبها تلك وحظرها من العمل في السودان (التسييس الديني، الأحزاب العرقية أو القبلية، والحزب الشيوعي، أو التحرير الإسلامي، أو حزب الزرقة، أو الجماعات العسكرية.
أما السياسة الخارجية، فيجب الالتزام بالحقائق القانونية والمُمالية للدستور المنشور: مثلاً النظام الصهيوني مرفوض التطبيع معه لأنه نظام وصائي ديني وعرقي ولا يتطبّع مع دستور يرفض تلك الوصائية. المشكلة الفلسطينية: يجب العلم بأن منظمة التحرير الفلسطينية منظمة شرعية يمكن التطبيع معها لأنها لا ترفض الاعتراف بإسرائيل كدولة قامت بتقرير مصير شرعي، وأن حرب يونيو 1967 كانت اعتداء غير مبرر عليها ويجب التحاور معها في استعادة الأراضي المحتلة. أما حماس فتنظيم وصائي ديني يتزين بقضية فلسطين كما تزين بها صدام حسين وإيران الآن.
صحيح أن أمريكا مشغولة بعراكها مع الدول الكبرى في قيادة العالم، ولكنها ملتزمة بمكارم الأخلاق التي تنص عليها مواثيق الأمم المتحدة.
ولكن روسيا كما شرحت في مقالي السابق تعتمد على التوسع في إفريقيا لسببين: لثروات إفريقيا التي تسعى لنهبها، والمقابل في ذلك اكثر منفعة لها وهي استغلال الأنظمة الدكتاتورية والأنظمة المؤبوءة بالفساد والتقتيل والجرائم ، بمعنى آخر إشاعة المافيا (والمافيا الروسية مشهورة) لتنتشر في إفريقيا قبل صحوة أهلها المتأخرة هذه.
الجدير بالذكر كان الرئيس الأمريكي السابق يصف إفريقيا بأنها تبحث عن مستعمرين جدد. ولا غرابة في تعليقه ذلك بعد نشاط روسيا في إفريقيا في استعمارها وذلها وتزامنه من 2014 وخاصةً من 2018 حتى الآن، مع حكم ترامب
ودول الجوار كلها تطمع في حصص من السودان، يجب دحض السذاجة في التعامل معها، كما ويجب محاصرة الإدارة الأهلية التي تقوم بالعمالة للمساعدة في بيع السودان “بالقطاعي”، بسرقة أراضي المقيمين ضعيفي الحميّة ومنحها لشركاء يدفعون لهم عنها، ففي تلك السرقات الوضيعة يسممون أهم شيء يخصنا: الهوية السودانية
والسلاح مهم، فالدفاع في بلد ليس لنا فيه جيش يُعتمد عليه يجب حماية أرضنا من المتعدين عليها بالسلاح
izcorpizcorp@yahoo.co.uk