(هذا تعريب لجزء من مقال للصحافي الروسي ألكسي ساخنين نشره في موسكريتشماق. رو عن نسخته الإنجليزية. أعجبتني كتابة الرجل. رشيقة)
يقول علماء الاجتماع إن الروس فوجئوا بالهجمة العسكرية على أوكرانيا فأحدثت صدمة جماهيرية في وسطهم. ويقول المحللون أنه واضح أن الناس لم يتهيأوا للمواجهة العسكرية.
خرج شابان من مقهى. توجهت لأحدهم بأسئلة عن الحرب، وسعر الصرف، وما عاقبة الحرب. ووجدت أن الحرب لم تقع لهما مثل أي أحد آخر. “لا نريد أن نفكر فيها، إننا لا نفكر بها. ولهذا ليس بوسعنا أن نقول لك شيئاً ذا معنى”. وأضاف الشاب الآخر: “هي مثل شيء مقدس. شيء كوني. لنذهب للريف، للأدغال. نشعل النيران. ولا نفكر”.
تكررت هذه السيرة عن خبر الحرب في تقصيّ الاجتماعي عنها. فبدا لي أن الناس قد واجهوا بالحرب شيئاً فاق قدراتهم على الفهم. شيئاً لا مكان له من إعراب معادلاتهم الأخلاقية. فالحرب ليست دفاعية. ولا غرض منها لائح. فينأون عن أخبار حرب ليس بوسعهم عمل أي شيء حيالها.
“منعت أمي من مشاهدة الأخبار” قالت لي امرأة في أواسط العمر. “قلت لها شاهدي (المربية الحسناء) فهي عرض جيد، ولكن لا تطالعي الأنباء”.
قال لي طالبان في مطلع حياتهم الجامعية إن زملاءهم في الفصل لم يرغبوا في مناقشة لسياسة، أو ربما خافوا مناقشتها. “فالمرء يشعر بأنهم كأن لم يلاحظوا الحرب. هم يحاولون ألا يلاحظونها”.
قال لي عامل من شركة كهرباء المدينة ذو شنب وغاضب: “استغرب أن كل أحد صامت كأن الحرب من طبائع الأشياء. الناس مسمرون إلى موبايلاتهم. كل ما في الأمر”.
ولكن قد تكون هذه اللامبالاة العامة خدّاعة. فكل من تحدثت إليهم قالوا إنهم ناقشوا الأخبار الصادمة عن الحرب بصورة أو أخرى. كثيرون منهم اعترفوا أنهم قضوا سحابة يومهم في مثل هذا النقاش. ولكن النقاشات الساخنة التي أداروها مع من أحبوا حولهم على النقيض مع مدينة تعيش حياتها حتى الآن بشكل روتيني.
ويشعر كثير منهم كأنهم وحدهم الذين يعانون من الانزعاج وقلة الحيلة والوحشة. برغم أنه ربما عانى من هذه المشاعر كل واحد ممن تمر به في الطريق ولنفس الأسباب. لم يسأل أي أحد هؤلاء الرجال والنساء، أو أي شخص في القطر، عما يفكر به. هل يفكر في أنه وجب أن يقتحموا بالدبابات الروسية والطائرات بلداً حبيباً؟ هل هم راغبون في التضحية لأجل ما أطلق عليه بوتين استئصال النازية من أوكرانيا؟ هل يعتقدون أن أمن روسيا تطلب مثل هذه الإجراءات المتطرفة؟ هذا يوم الحرب الأول، ولكن الكثيرين بدأوا يشعرون بالحاجة لنقاش أمرها، وللتعبير عن رأيهم. ليسمعه سامع أقله.
“هل ستكتب عني حقاً أنني ضد الحرب؟” سألتني امرأة عجوز بسذاجة خارج دكانة خضار.
IbrahimA@missouri.edu