من تعركه التجارب وخبرات السنين بتراكمها لاشك أنه يختلف كثيراً عن الآخر الذي هو في بداية الطريق. – هناك أشياء وأحداث وتصرفات تحصل من الإنسان خلال مسيرته الحياتية وحينها قد لا يرعيها بالاً واهتماماً لكن قطعاً سيمر عليه وقت ولحظات يشعر فيها بتأنيب ضمير مرهق وثقيل على النفس خصوصاً عندما يجد الطريق مغلقاً لمعالجة وتدارك الأمر.- كيف الطريق مٌغلقاً لمعالجة وتدارك الأمر؟ مغلقاً بسبب موت شخص طرف في الموضوع الذي يعيش فيه تأنيب ضمير أو حسرة أو ندم، مغلق بسبب عدم قدرته على المعالجة بعد فوات الأوان ، مغلق بتغيُّر الظروف والأحداث والأفراد من حوله، مغلق بفقدانه لوسائل معالجة الموضوع لرد المظالم والحقوق، مغلق بسبب تقدمه في العمر وسط أمنيات تحرق قلبه بأنه لم يفعل هذا الأمر. – من نماذج الحسرات أنك في فترة من عمرك آذيت شخصاً بكلام، أو باعتداء ، أو أخذت حقه بغير وجه حق، أو اغتبته، أو حطمت حُلمه، أو خرّبت عليه مشروعاً أو برنامجاً ، أو حسدته ، أو فرقت بينه وبين شخص آخر. – ستلاحقك هموم وأوجاع وحسرات وأرق لا تطاق مجرد أن تجد نفسك على سرير وقد مضى بك العمر ما مضى، وبدأت تحاسب نفسك حتى ترتاح من حقوق البشر وتضمن السلامة منها.- ومصيبة المصائب أن تكون تلك الأشياء كُتبت في كتابك وأُجلت ليوم لا ريب فيه وأنت قد نسيتها وستجدها أمامك عند الحساب.- الحسرة الكبرى أن ترجع بك الذاكرة على كل مراحل عمرك منذ بلوغ سن الرشد مرورًا بفترة العشرينات ثم الثلاثينات ثم الأربعينات ثم الخمسينات ثم …… وتجد أنك قد تجاوزت كثيراً في حقوق الله ثم حقوق الناس دون أن تشعر بذلك.- قد تتوب عن تقصيرك في حق الله ويغفر لك، ولكن كيف تتحلل من شخص ضربته وآذيته مرة ولا تعرف مكانه لتتحلل منه، وشخص أخذت حقه بغير وجه حق لا تعرف مكانه، وآخر اغتبته مراراً وقد مات قبل أن تتحلل منه؟ وشخص آخر من بلد آخر لن تلتقيه مرة أخرى إلا بين يدي الله.- التحلل من حق الله وحقوق البشر أمرٌ أقلق مضاجع السلف رغم حذرهم وحرصهم فمنهم من بات يبول الدم وعندما حُمل إلى الطبيب قال (هذا الرجل عابد ويبدو أن الخوف من الله قد قطّع كبده فبات يبول الدم).- الخلاصة في كيفية التحلل من الحقوق أن يحسب كلٌ منّا خطواته مبكراً (خطوة بخطوة) وأن يسير في حياته وهو ضامن وحريص على سلامة موقفه من حقوق وأعراض الناس والتجاوز في حقهم سواءً لفظياً أو جسدياً أو نفسياً أو أكل أموالهم، فمحطة أواخر عمرك محطة قاسية ففيها من الجرد والتأنيب ما لا تتحمله النفس ولا تطيقه، ثم أن هناك حسرات وحسرات وحسرات حين يعض الظالم على يديه.- الحسرة كل الحسرة والندم كل الندم عندما يفاجئك ملك الموت، وأنت متأخر ومازلت تنوي التوبة والتحلل من حقوق الناس.- لا أقول ذلك لأنني ادًعي تأنيب الضمير بل اعترف وربي بتقصيري الشديد في حق الله وحق الخلق ولكن ما ذكّرني بكتابة هذا المقال هو انني نمت البارحة في غرفة لوحدي وتذكرت انعزال الإنسان في أواخر عمره وهو يجرد في حساب حياته ومحطات عمره عله يتحلل من الحقوق قبل أن يلقى الله.غفر الله لنا ولكم