حينما قصد طه البطحاني المك نمر طالباً حمايته من ( فزع ) قبيلة الشكرية بعد قتله لحمد وددكين وكان المك نمر حينها نسيبًا للشكرية .
منحه المك نمر امان الحماية .
فاستهجن ( فزع ) الشكرية هذه الامان عند مجيئهم للمك نمر طالبين تسليمهم طه البطحاني حتى يقتصوا منه باخذهم (لتار) حمد ود دكين فقال قائلهم للمك نمر:
بقيت يا مك جمال سارحة خربوا
الغابة ****
واندك الزرع لا قصبة لا رقابه ****
دكين بقول في نسبك اتغشينا ****
سلمنا طه قبال تجي تعزينا ****
حينما يكون المأمول فيه هو محل
هزيمة الامل تصبح الدنيا بلا امان !!
الخرطوم بكل ألوان طيف (الكاكي ) الزي العسكري والشرطي المتشكل على مد البصر ، ومراكزها الشرطية ، واستراتيجيتها الامنية ، اصبحت بلا امان ومحل خوف وفزع وترقب !!
ان (يسرقك ) لص فهذا امر طبيعي لان السارق ياخذ المال خفية من حرزه !!
ان تتعرض للنهب خارج ( سنتر ) المدنية وعند تعذر الغوث فهذا شيءٍ طبيعي !!
ولكن ان تتعرض للنهب ممن تلجأ اليه بحثًا عن الامن والامان فهذا هو الكارثة بكل ما تحمل الكلمة من أسى وخوف وهول !!
وقائع ثابتة وموثقة ومتصاعدة بكثرة تؤكد على ان القادم شىء لا يصدق ولا يحتمل وقد يكون الاسواء على الاطلاق في تاريخ الشعوب !!
ان يكون النهب النظامي على قارعة الطريق وعلى عين الاجهزة الرقابية والشمس في رابعة النهار وعلى الملأ وضد الملأ ، وبكل جرأة بلا خوف من وازع او ضمير او حتى مسألة الجهة الحاكمة او المنضوية تحتها الجهات الناهبة ، فهذا هو الموت ( الاحمر ) بعينه !!
حينما قال رسول الله من دخل المسجد الحرام فهو آمن !!
ومن دخل دار ابي سفيان فهو آمن !!
اطمأنت قلوب اهل مكة .
وفي السودان كان المفترض في المواطن حين يرى رجلا يرتدي شعار الدولة الامني ان يطمئن اليهوبه .
ولكن عاديات الزمان الضاربات اطنابها في مهاوي السلام ( المائل) حالت دون اطمئنانه .
بل جلبت اليه الخوف والفزع والزعر والقلق وخشية التوحش والوحوش التي انتظمت الطرقات والاسواق نهبًا و ( قلعا ) وضرب ومهانة .
الضائقة الاقتصادية بلا شك لها وقعها حال كان النهب من جهات غير الجهات التي تمارسه الان تحت سيف السلطة والتسلط .
نعم الوضع الاقتصادي الان كارثي ولكن حتى هذه اللحظة لم يحرك زمان المسغبة الناس للتغول على حقوق الاخرين ، فالشعب صابر رغم شدة وقساوة اوضاعهم المعيشية ، والممارسات السالبة مدنيا لا زالت في نطاق ضيق وعلى درجة من الاستحياء .
اذن دافع هذا النهب لم يكن بسبب الضائقة الاقتصادية بمعناها الواقعي ، وقد يكون هذا النهب مقصود في حد ذاته كجزء من الخطة الامنية المرسومة تماشيًا مع معطيات الانقلاب على التحول الديمقراطي .
وان كان الامر كذلك ستكون خطورة هذه الخطة هي تمددها و استمرأها من الجهات المنفذة باعتبار ان هذه الاموال المنهوبة غنائم في عرفهم الغابي ، مما يصعب بعد ذلك على الجهات الراغبة في وجود هذه الممارسات الان عملية كبحها ، لان التحول من قانون الدولة الى قانون الغابة يعزز من فرص محو الدولة من الوجود .
منذ انقلاب 25 اكتوبر المشؤوم امور البلاد اصبحت في ضمور والرعية في خطر .
وقادة الانقلاب الذين كانوا يتحدون بعبارات ( انشاء الله تمطر حصو )
لم يخطر ببالهم ان ( الحصو ) يمكن ان ينال من محيطهم الآمن ، ويحدث بمراكزهم خسائر فادحة قد تصل الى الارواح والممتلكات .
لن يذهب الشعب وحده الى محرقة الانفلات الامني المقصود !!
جمال الصديق الامام
المحامي ،،،،
elseddig49@gmail.com