تمهيد: هناك العديد من المشاكل التي تحول دون تحقيق التعليم العالي في السودان لوظائفه وأهدافه.
اولا: المشاكل:
مشاكل متعلقة بوضع الأستاذ الجامعى: رغم ان الاستاذ الجامعى هو ركن أساسي للتعليم العالى، الا ان هناك العديد المشاكل المتعلقة بوضعه ، والتى –
بالتالى- تعتبر معوق اساسى لنجاح التعليم العالى فى تحقيق أهدافه.
· التدنى المخجل للوضع الاقتصادى للأستاذ الجامعى- فى ذات الوقت
الذى يعد راتب الاستاذ الجامعى فى كل دول العالم من اعلى الرواتب – مما ادى الى نزيف هجرة العقول.
· عدم توفير البيئة المناسبة للبحث العلمي للأستاذ الجامعى
· عدم دعم وتحفيز الإسهام الفكري للأستاذ الجامعى.
· تغييب الدور الاستشارى العلمى للأستاذ الجامعى فى كل المجالات
) وهو الدور الحقيقي له (.
مشاكل متعلقة بالتوازن بين الكم والكيف: اعتمد الاستعمار سياسة الكيف والنوع على حساب الكم ، باحتضان القوى الاستعمارية للعناصر المتفوقة من المتعلمين، و اتاحه فرصه إكمال ثقافتهم سواء في الجامعات التي أنشاها فى السودان , أو في معاهدها وجامعاتها عن طريق البعثات، بهدف تغريب هذه العناصر وعزلها عن مجتمعها. وبعد الاستقلال اتجهت الدولة عبر النظم المتعاقبة إلى حل مشكله الكم بالتوسع في قبول الطلاب لكن على حساب الكيف والنوع، ولهذه المشكلة عده مظاهر منها:
· إهمال الجوانب النوعية للنظام التعليمي، وانخفاض مستوى الطلاب والخريجين.
· التركيز على أنماط التعليم التقليدية،وتجاهل أنماط التعليم المعاصرة.
· التركيز على وظيفة التدريس وإهمال الوظائف الأخرى للتعليم كخدمة المجتمع…
مشاكل متعلقة بالتوزيع الجغرافي: وأهمها مشكلة الاختلال في التوزيع الجغرافي لمؤسسات التعليم العالي التي أدت إلى عدة نتائج:
· زيادة حدة التفاوت الاجتماعي بين العاصمة والأقاليم والمدن والقرى.
· حرمان الأقاليم من الخدمات التي تقدمها مؤسسات التعليم العالي.
· الهجرة من القرى إلى المدن…
مشاكل متعلقة بالبحث العلمي: حيث أن هناك عددا من الأسباب التي أدت إلى انخفاض ومحدودية البحث العلمي:
· عدم – او ضعف – دعم الدولة للبحث العلمى.
· النقص في أعضاء هيئة التدريس نتيجة لتدني الوضع الاقتصادى
لأعضاء هيئة التدريس مما يجعل الجامعات بيئة طاردة..
· عدم توافر الفنيين ومساعدي البحث.
· عدم تدريس مادة البحث العلمي في المستويات الأدنى أو تدريسها
بصورة نظرية.
· ضعف مبدأ استقلالية الجامعة.
· الانفصال بين الجامعات والمجتمع…
المشاكل الإدارية: وأهمها :
· البيروقراطية والجمود الإداري وعدم المرونة الكافية لاستيعاب
مظاهر التجديد.
· ضعف الرقابة الادارية.
· إنفصال الجامعة عن مؤسسات التعليم العالي الأخرى على المستوى
الوطني والعربي والإسلامي والعالمي.
· تضخم الميزانيات الإدارية واستحواذها على القسط الأكبر من
مخصصات الجامعة.
· اقتصار الجامعات على وظيفة التنظيم مع غياب الوظائف الإدارية
الأخرى(والتخطيط ،التوجيه، التنسيق، الرقابة)…
· اعتماد مبدأ الولاء السياسي بدلا من مبدأ الكفاءة .
· غياب الديمقراطية المؤسسية واعتماد اسلوب التعيين السياسى .
مشاكل متعلقة بالبرامج التعليمية :
· تم وضع اغلب هذه البرامج التعليمية أساسا في الفترة الاستعمارية .
· وبعد الاستقلال حدثت محاولات للتغيير، لكن هذه المحاولات كانت
جزئية ، وأدت إلى حدوث اختلالات منهجية.
· مشكله عدم توافر الكتاب الجامعي ،وندره المراجع والمصادر الاصليه…
مشاكل متعلقة بالوسائل التعليمية :حيث يسود في التعليم الجامعي السوداني استخدام الوسيلة التعليمية التقليدية(اللوحة التعليمية) دون الاستعانة بالوسائل غير التقليدية…
مشاكل متعلقة بطرق التدريس:يعتمد التدريس على الطريقة التقليدية اى الإلقاء(المحاضرة)دون استخدام الطرق غير التقليدية
مشاكل متعلقة بنمط التعليم العالي :حيث يعتمد التعليم العالي في السودان على النمط التقليدي للتعليم العالي(الجامعة بشكلها التقليدي) مع إهمال الأنماط غير التقليدية للتعليم العالي…
مشاكل متعلقة بالتمويل:
· اتجه التعليم إلى سياسة الخصخصة وإلغاء الدعم الحكومي، مما يؤدى
إلى الإلغاء الفعلي لحق التعليم ونقض مبدأ المساواة وتكريس للطبقية التعليمية ،ولا مجال للمقارنة مع المجتمعات الليبرالية الغربية العريقة ،لان هذه المجتمعات وصلت إلى درجة من الرخاء المادي، يجعل من الممكن تطبيق سياسة الخصخصة التعليمية ،بالاضافه إلى انه حتى هذه المجتمعات لديها أشكال من الدعم الحكومي غير المباشر(المنح،التخفيضات والإعفاءات الضريبية..(
· تحول التعليم العالى الى تجارة، الهدف الوحيد منها الربح.
· الغاء مجانية التعليم ادى الى عجز قطاع كبير من الطلاب عن
مواصلة تعليمهم، او مواصلة تعليمهم فى ظل وضع اقتصادي بالغ التردى ، مما يؤثر سلبا على تحصيلهم الأكاديمي.
ثانيا: مقترحات ببعض الحلول لقضايا الأستاذ الجامعى والتعليم العالي فى السودان:
· التحسين المستمر للوضع الاقتصادي للأستاذ الجامعى حتى يتمكن من
القيام بوظيفته الاكاديميه والتنويرية.
· تحفيز المجهود الفكرى والعلمى الاضافى للأستاذ الجامعى.
· تفعيل نقابات أساتذة الجامعات بالاتى:
- التأكيد على مبدأ استقلالية النقابات ، وهو مبدأ يشمل استقلاليتها
عن الحكومه والمعارضه معا. - ويترتب على هذا المبدأ اعتبار نقابات أساتذة الجامعات نقابات
مهنية مستقله، ذات طابع مطلبى غير سياسى او حزبى ، وبالتالى تعنى أساسا بالدفاع عن حقوق الأستاذ الجامعى. - وضمن هذا عدم خضوعها التجاذبات السياسية والحزبية، وعدم استخدامها
كأداة لتحقيق أهداف سياسية حزبية ضيقة تتجاوز طبيعتها المطلبية” فتعلى من سقف المطالب لدرجة الاستحاله، فى حال كونها فى المعارضه ، بهدف اسقاط النظام السياسى،فى ذات الوقت التى تقلل من هذا السقف لدرجة ضياع الحقوق، فى حال كونها فى السلطة ، بهدف الدفاع عن النظام السياسي ، وتبرير كل سياساته – الموروثة من نظم سياسية سابقة او الطارئة فى عهده ، حتى الخاطئة منها. - التزام نقابات أساتذة الجامعات التام بالديمقراطية المؤسسيه ،
بالرجوع المستمر لأعضائها فى كل قراراتها ، لضمان تعبيرها عن ارادتهم دون تزييف،وتجنب عقلية القطيع، والابتعاد عن الخطابات السياسية ذات الطبيعة التخوينيه ، والشعاراتيه الفارغة من اى مضمون عينى. - الالتزام بمبدأ لا ضرر ولا ضرار,ومراعاة المصلحة الوطنية ومصالح
باقى فئات المجتمع. - التاكيد على مبدأ عدم إلزامية العمل النقابى.
- تجنب القرارات ذات الطبيعة الاحاديه، التى لا تضع فى الاعتبار كل
أبعاد وجوانب موضوع القرار. - العمل على وحده النقابات وتجنب التشرذم الحزبي لها.
· تفعيل الدور الاستشارى “العلمى” للأستاذ الجامعى فى كل مجالات
الحياه ” السياسيه ، الاقتصاديه ، الاجتماعيه …”
· وضع استراتيجية للتعليم العالى تقوم على تحقيق التوازن بين الكم والكيف.
· العمل على تطوير الادارة التعليمية.
· استحداث أساليب التعليم القائمة على مشاركة الطلاب.
· تفعيل دور مؤسسات التعليم في خدمه المجتمع من رعاية
صحية،الإرشاد والتوجيه، محو الاميه، تعليم الكبار.
· استحداث أساليب وطرق تمويل تستند إلى واقع اتجاه التعليم إلى
سياسة الخصخصة وإلغاء الدعم الحكومي المباشر، دون أن تؤدي إلى الإلغاء الفعلي لحق التعليم ونقض مبدأ المساواة وتكريس الطبقيه التعليمية ،وذلك باستحداث مصادر تمويل مختلفة ،وتنشيط الاستثمار فى مجال التعليم ،تنشيط أشكال الدعم الحكومى غير المباشر(المنح،التخفيضات والإعفاءات الضريبية
· تفعيل الرقابة على مؤسسات التعليم العالي الخاصة.
· الاستفادة من الخبرات العالمية في تطوير التعليم بما لا يتناقض
مع القيم الحضارية للامه…
· الاستعانة بالوسائل التدريس غير التقليدية( الصور، الخرائط،
الرسومالبيانية، المتاحف، المعارض، الأفلام التعليمية التسجيلات الصوتية ،المحاضرات والندوات ،الرحلات والزيارات ،التمثيليات والمسرحيات ،الاذاعه والتلفزيون…(
· استخدام طرق التدريس غير التقليدية كالحوار، المشكلات،
المشروعات،التعيينات، الوحدات…
· الأخذ بالأنماط غير التقليدية للتعليم العالي كالتعليم عن بعد
والجامعه المفتوحة والجامعة الشاملة والتعليم قصير الدورة وجامعة بدون جدران والتعليم التعاوني وفقا فلسفتنا التعليمية والمشاكل التي يطرحها واقعنا.
· تفعيل مشاركة الطلاب في العملية التعليمية عن طريق تفعيل دور الاتحادات
والروابط والجمعيات العلمية والثقافية ….
· تحسين البيئة الجامعية حسب ما هو متاح ..
· تفعيل الدور الخدمي والثقافي والأكاديمي والاجتماعي للاتحادات
الطلابية ، بدلا عن الاقتصار على النشاط السياسي، و أن يكون للنشاط السياسي في الجامعات دور نشر الوعي السياسي، وليس مجرد أداه للأحزاب السياسية ، واعتماد أسلوب الحوار بدلا من العنف والأساليب السلمية في التعبير عن الرأي بدلا عن التخريب…
· العمل على أن لا يتناقض تعريب التعليم العالي مع تدريس اللغات الأخرى
أو الاتصال بالعالم الخارجي والإسهامات العلمية للمجتمعات الأخرى وبشرط توفير شروطه من توفير الكتاب المعرب ، والترجمة المستمرة للكتاب العالمي، وتاهيل الأستاذ الجامعي.
· التأكيد على مبدأ مجانية التعليم , و ضرورة دعم الدولة للتعليم
Kوزيادة نصيب التعليم فى ميزانية الدولة.
· تفعيل الاستثمار العلمى الامثل لامكانيات الجامعات ، دون تبني
النزعة الرأسمالية “التجاريه” التى تهدف الى الربح بدون اى ضوابط، مع إخضاعه لمبدأ الشفافية والرقابة الادارية الفعاله بدون بيروقراطية .
· تفعيل وظيفة البحث العلمي للجامعات، وتطوير الدراسات العليا
فيها. ويشمل ذلك تأسيس جسم مؤسسى مشترك بين الجامعة ومراكز البحث العلميوالدراسات العليا فيها والدولة وهيئاتها المختلفه، بغرض الاستفادة من البحوث الجامعية فى حل المشاكل فى كل مجالات الحياة.
………………………………..
الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات https://drsabrikhalil.wordpress.com