في السنوات الأخيرة تقلص الإنتاج الدرامي الرمضاني في مصر إلى النصف تقريباً، فبعد أن كانت العادة أن عدد المسلسلات خلال رمضان من كل عام يقترب من الستين عملاً، جرت إعادة ترتيب المشهد، ليقف العدد عند ثلاثين، وربما أكثر أو أقل قليلاً.
ومن هنا، أصبحت فرصة المتابعة أكبر، وعلى الرغم من أن الشاشات لا تزال مزدحمة، فإن عدم اقتصار عرض الجديد على شهر واحد فقط يمنح الأعمال حقها في المتابعة، بخاصة بعد سيطرة المنصات على أجندة المشاهدة طوال الـ11 شهراً الباقية.
اللافت هذه السنة أن الأعمال الكبيرة باتت مسيطرة، والمسلسلات التي تحمل ختم الجودة من خلال طاقم العمل الذي يتمتع بثقة الجمهور أخذت مساحة أكبر من قائمة العرض الرمضاني، فيما تتراجع تأثيرات كورونا كثيراً هذا العام على سير العملية الإنتاجية وأيضاً على سير الدراما.
الدراما تتجاوز عثرات كورونا
فخلال الموسمين الماضيين، تأثرت بشكل واضح صناعة الدراما الرمضانية بسبب تعدد إصابات كورونا في فرق التمثيل والإنتاج، وبعض الأعمال خرجت من السباق بسبب تفشي الوباء. وعلى الرغم من أن هناك إصابات كثيرة هذه السنة، لكن جرى التعامل معها، ولم تؤثر بشكل كبير على خطوات عملية التصوير.
لكن على صعيد آخر، نجد أن هناك إشارات للوباء تظهر في سياق الأحداث في بعض الأعمال المصرية المقرر عرضها في رمضان 2022، وبينها مسلسل “أحلام سعيدة” ليسرا وغادة عادل ومي كساب، حيث يبدو الرعب على الوجوه حينما يتشكك الأبطال في إصابات إحدى الشخصيات في الحلقات، وهو أمر ملائم لمسلسل تدور أحداثه في إطار كوميدي، حيث تترك يسرا أخيراً قصص المعاناة والانتقام، ويخرجه عمرو عرفة وتكتب قصته المخرجة هالة خليل التي لديها تجارب ناجحة للغاية في عالم السيناريو بينها أفلام “نوارة وأحلى الأوقات وقص ولزق”.
وبعد غياب طويل عن المنافسة في سباق رمضان يعود جيل يسرا لتصدر المشهد مجدداً، إذ تتواجد كذلك ليلى علوي بمسلسل “دنيا تانية”، وأيضاً إلهام شاهين في مسلسل “بطلوع الروح” الذي تتشارك بطولته مع منة شلبي في عمل تدور أحداثه في عام 2017 حول تجنيد السيدات في تنظيم “داعش”، ويتميز بقصته الشائكة التي كتبها محمد هشام عبية وتخرجه كاملة أبو ذكري، حيث أثار العمل الجدل والغضب والحماس بمجرد أن جرى الكشف عن “بوستراته”، وانقسم المتابعون بين مؤيد ومعارض.
والسياسة لها حضور قوي كما أصبح معتاداً على الشاشات المصرية وبشكل خاص خلال شهر رمضان، فهناك مسلسلا “الاختيار3 ـ العائدون”، وليس بعيداً عنهما أيضاً أجواء مسلسل “ملف سري” لهاني سلامة الذي تدور أحداثه حول عالم القضاء والمحاماة، وهو أمر شبيه بأجواء مسلسل “سوتس بالعربي” الذي يتصدى لبطولته آسر ياسين، في خطوة لتمصير تيمة المسلسل الأميركي الشهير.
احتفاء بأسامة أنور عكاشة
يتميز الموسم الرمضاني 2022 كذلك بحنين خاص إلى الماضي يتجسد في أكثر من ملمح، ولعل أبرزها هو وجود مسلسل يحمل توقيع اسم الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة ” 27 يوليو (تموز) 1941 ـ 28 مايو (أيار) 2010، هو “راجعين يا هوى”، وهو العمل الذي سبق أن قدم قبل عشرين عاماً تقريباً للإذاعة المصرية من بطولة يحيى الفخراني، حيث أعاد المؤلف محمد سليمان عبد المالك كتابته للتلفزيون، وكتب له السيناريو والحوار، ليعرض ضمن السباق الأبرز، من إخراج محمد سلامة، وبطولة خالد النبوي الذي سبق وأن تعاون مع عبد المالك في عمل ناجح أيضاً هو “ممالك النار”.
يحضر صاحب “ليالي الحلمية”، وأحد أبرز صانعي مجد الدراما العربية، على يد أحد تلامذته غير المباشرين، حيث يقول محمد سليمان عبد المالك لـ “اندبندنت عربية” إنه على الرغم من عدم لقائه شخصياً بعكاشة، فإنه “كان عاملاً مهماً جداً في محبته للتأليف وسعيه لاحتراف المهنة”.
كما يعلم عبد المالك جيداً أنه أمام تحد كبير، بخاصة أن أسامة أنور عكاشة سبق وأن تمت معالجة روايته “منخفض الهند الموسمي” درامياً وعرضت كمسلسل بعنوان “موجة حارة” في عام 2013، وكان عملاً متميزاً، كما أن جميع الأنظار سوف تتجه للعمل الرومانسي الاجتماعي الذي يحمل روح الراحل المعروف بشعبية أغلب ما خطت يداه، هنا يعلق المؤلف محمد سليمان، “بالطبع هناك تحديات كبيرة، فالتغييرات أصبحت أسرع كثيراً، وأنا حرصت على إعادة حكي القصة وتحويلها من الوسيط الإذاعي إلى التلفزيوني بحلقات أكثر، ومن المهم هنا أن نذكر أن (راجعين يا هوى) يصلح للتقديم في أي زمن، فهو غير مرتبط بحقبة معينة، وينبغي هنا أن أشير لمستوى وقيمة المخرج محمد سلامة الذي لديه موهبة لافتة وإضافاته واضحة في الدراما خلال السنوات القليلة الماضية”.
ويرى عبد المالك أن لا أحد سيقوم باختراع العجلة مجدداً، بالتالي فالعودة إلى الأصول والمنابع لمن نقلوا الدراما العربية إلى مستوى آخر “أمر مستحب”، واصفاً بأن هناك كنوزاً في الأدب والدراما ينبغي النظر إليها كل حين وآخر.
عودة مكي
من بين المسلسلات المنتظرة بشدة كذلك “جزيرة غمام” تأليف عبد الرحيم كمال وإخراج حسين المنباوي، وأيضاً “فاتن أمر حربي” بطولة نيللي كريم وتأليف إبراهيم عيسى في أول تجاربه في الدراما التليفزيونية، والمشاهد على موعد أيضاً مع عودة مهمة للمخرج البارز محمد ياسين، وهذه المرة يتعاون مع محمد رمضان ودينا الشربيني، حيث يعود ياسين للسباق بعد غياب ست سنوات منذ مسلسله المهم “أفراح القبة”.
أما الممثل توفيق عبد الحميد فيعود بدور رئيس في مسلسل “يوتيرن” من إخراج سامح عبد العزيز، وذلك بعد غياب 12 عاماً عن الشاشة. وبعد 7 سنوات أيضاً تعود شخصية “الكبير أوي” لأحمد مكي للجمهور في المسلسل الكوميدي الجماهيري، والعمل في جزئه السادس يشهد غياب دنيا سمير غانم في شخصية هدية، وكان لافتاً أن الإعلان الترويجي للمسلسل أظهر تأثر صناعه بما تعرضه “نتفليكس”، حيث جرت الإشارة بطريقة كوميدية لمسلسل “لعبة الحبار”، كما أشار أيضاً إعلان مسلسل “دايماً عامر” لمصطفى شعبان لمسلسل “البروفسيور ـ لاكاسا دي بابل”، وعلى ذكر الكوميديا، فالموسم فيه عدد من المسلسلات التي تدور في أجواء اجتماعية ساخرة بينها “مكتوب عليا، ورانيا وسكينة، وشغل عالي، وفي بيتنا روبوت”.
حميدة أبو هميلة