1
أزهار وأشواك
أدركت من خلال سفريتي الحالية الممتدة’ التي بدأت في سياتل الأمريكية على المحيط الهادئ إلى فرانكفورت الألمانية على ضفاف نهر الراين ثم إلى استانبول على ساحلي البسفور أن معظم المطارات الدولية الرئيسة استعادت عافيتها حيث تتدفق عبرها حاليا إثر انحسار غول كرونا وما صاحبه من ركود جموع الخلق من كل فج عميق بمختلف القارات واللغات والسحنات مع مراعاة توقي الإصابة بالتحوط بارتداء الكمامات.
حتى داخل الطائرات العملاقة التي تحمل في جوفها أكثر من سكان حلتنا بعد فقدانها الراحلين طوعا وقسرا نجد معظم المقاعد مشغولة ولا تجد شاغرة الا قليلا ولكم تمنيت عبثا أن أجد مقعدين أو أكثر بلا ركاب لأتمدد عليها إلا نادرا استجابة لسلطان النوم الذي يداعبني بل يحاصرني كثيرا إن جن الليل.
مشكل يؤرقني أيضا كلما هممت بالسفر وهو تباعد مواقع الإجراءات فحين تهبط في مطار وتنقلك الحافلات إلى مكاتب الجوازات مثلا تجد نفسك دائرا في شكل حلزوني مرات عدة حتى تصل النافذة المبتغاة ثم تسعى راجلا أو حتى بعون قطار أو سير كهربي فتصاب بالرهق للوصول لتفتيش ما معك من حقائب وبعد أن يتيسر ذلك تبحث عن تفاصيل رحلتك التالية فتراجع أوراقك او الشاسة الضوئية الخاصة بالسفريات القادمة والمغادرة ومواعيدها وبواباتها وقد يسوقك حظك العاثر لموقع يبعد عما انت فيه بمسافة ميل كامل او أكثر والويل لك إن كان في معيتك أكثر من قطعة’ بالطبع خلاف المشحونة.
أخيرا تحظى بالتشرف بالتموضع مع الخلق أمام بوابة المنى حتى يأذن المايكرفون بالدخول لطائرتك الميمونة بعد انتظار قد يطول باعثا السأم إلا أن تحظى بصفوة يألفون ويؤلفون.
يقيني أن العالم بحاجة لثورة في اختزال الإجراءات باستحداث نظام النافذة الواحدة.
السفر كما يقال قطعة من النار
أو كما يصحح:
.. بل النار قطعة من السفر
غير أن منافعه لا حصر لها’
وحسبنا حكمة الشافعي الذهبية:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا.. وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفريج هم واكتساب معيشة
علم وٱداب وصحبة ماجد
من ذا الذي لا يتمنى رؤية عجائب الدنيا وغرائبها ونيل متعها ولذاذاتها؟!
أنور محمدين
استانبول