مع إقتراب شهر رمضان الفضيل، يتأهب المواطنون لشراء جميع مستلزمات ومعينات من سلع ضرورية وأوانٍ منزلية أو كما يعتادون عليه من شرائه استعداداً لهذا الشهر المبارك، و رغم غلاء الأسعار بالأسواق وشكوى المواطن المستمرة، خاصة بعد أن تراجع معدل التضخم إلى أرقام نسبية، وربما قد استبعدت أرقام حدود القياس والمعايرة بالمستوى العام للأسعار، ونجد أن واقع تحديات الاقتصاد ومعاش الناس أكثر تعقيداً من السابق، ونظراً لطبيعة الحال، فإن قفزة الأسعار تعتبر إحدى التحديات التي عجزت الحكومة من السيطرة عليها، لطالما غاب دورها في التدخل لضبط ورقابة الأسواق، الأمر الذي زاد من وتيرة انفلات الأسعار التي أصبحت شاغلة لأذهان العباد.
قلق التجار
وكشف أحد التجار – فضل حجب إسمه – أسباب زيادة الأسعار لتزايد تكاليف نقل وترحيل البضائع بين المخازن والمتاجر، مشيراً إلى أن أزمة الوقود لها دور في زيادة تكاليف النقل الداخلي، كما تزيد من تكاليف الترحيل من مواقع الإنتاج حتى الأسواق، لافتاً إلى أنه من الطبيعي أن يُقبل المواطنون على شراء مستلزمات رمضان، وتابع قائلاً : السوق بدأ يزدهر هذه الأيام، وتوقع أن تشهد الفترة القادمة مزيداً من النشاط في الأسواق ، بيد أنه قال: ما يقلق التجار أكثر ليس ارتفاع الأسعار فقط، بل تدني القوة الشرائية، وما يتبعه من تدني حجم تصريف البضائع والسلع.
وسطاء وسماسرة
وقلل صاحب محل إجمالي بالكلاكلة، الطيب عمر، من قدرة الحكومة على توفير كافة مستلزمات المواطنين، لكن بمقدروها ضبط الأسواق عبر إحكام الرقابة، وقبل ذلك تشجيع الإنتاج المحلي، نافياً تلاعب التجار في أسعار السلع، و إن بعض السلع تأتي للتجار من جهات محددة تمثل شبكة التجار وهي من تحدد السعر، ويرى ذات التاجر أن مشكلة ارتفاع التسعيرة ترجع لتدوير السلعة بين عدد من الوسطاء وكل منهم يضع هامشاً ربحياً وحينما تصل للمواطن تزيد قيمتها، مضيفاً؛ لا مخرج من الأزمات القائمة إلا بمراجعة سياسة التحرير الاقتصادي التي أدخلت السودان في أزمة حقيقية ولم يبق للمواطن سوى القيام بثورة الجياع، التي لن تتوقف إلى أن تتحقق المطالب المقدور عليها، ولكن الحكومة تتهاون في تحقيقها.
الترحيل والتكاليف
وللتغلب على فوضى الأسواق يدعو مختصون وخبراء اقتصاديون، الحكومة إلى التوسع في إنشاء مراكز البيع المخفض وتنشيط التعاونيات في الأحياء ومواقع العمل لتوفير السلع الاستهلاكية للمواطنين بسعر المصنع، مع تكفل الحكومة بمنصرفات الترحيل والتكاليف التشغيلية لهذه المواقع وإعفائها من الرسوم والجبايات لضمان وصول السلع للمستهلكين بأقل الأسعار، على أن تشمل الإصلاحات الكلية مراجعة نظام الحكم المركزي الذي أعطى الولايات صلاحيات واسعة في فرض رسوم على الإنتاج والمنتجين، ما جعل أسعار السلع المحلية ترتفع، في حين يتدخل الوسطاء والسماسرة مع زيادة التحويلات إلى الولايات من المركز.
أسباب الأزمة
ويرجع مختصون أسباب انفلات الأسواق وتقلب الأسعار لعدم ثبات أسعار الصرف وتغيرها المستمر حتى بعد تنفيذ سياسة توحيد السعرين الرسمي والموازي، موضحين أن العملات الأجنبية ما تزال في زيادة مقابل الجنيه، وهي الجزئية التي تحكم المستوى العام للأسعار بسبب ارتباط أسعار السلع بالاستيراد وكذلك الرسوم الحكومية والضرائب العالية.
ركود وغلاء
وأرجع أحد التجار، الجنيد يوسف، أسباب ركود السوق وتراجع القوى الشرائية، إلى الغلاء الطاحن الذي تشهده البلاد وعدم قدرة المواطنين على الشراء. إن التضخم المتصاعد أثر بشكل كبير على القوة الشرائية، موضحاً أن هناك أسباباً أخرى؛ منها أزمة الوقود التي كان لها دور في زيادة تكاليف النقل الداخلي كما تزيد من تكاليف الترحيل من مواقع الإنتاج حتى الأسواق، وتوقع أن تزدهر الأسواق مع قرب شهر رمضان المبارك.
أسعار مختلفة
الثابت أن تباين أسعار السلع ظاهرة موجودة، وساهم فيها تقاعس الجهات الرسمية عن الضبط وليس غريباً أن تجد سلعة في متجر معين بسعر مختلف عن متجر مجاور بنفس السوق، وتستغل بعض المواقع والمتاجر عدم فعالية قانون حماية المستهلك، وهو ما ظلت تنتقده جمعية حماية المستهلك، التي تطالب بتطبيق قوانين حماية المستهلك ومنع الاحتكار وتفعيل قانون المنافسة التجارية وإلزام المصانع والمتاجر بوضع تسعيرة محددة لكل سلعة لتبصير المواطن بحقوقه وضمان عدم التلاعب في السلع الاستهلاكية، وتدعو الجمعية الحكومة لاتخاذ خطوات جدية في هذا الأمر وتحديد المتلاعبين في قوت المواطنين، خاصة تفعيل دور وزارة التجارة والتموين لإعمال وسائلها الرقابية على الأسواق، للحد من جشع التجار وتلاعبهم بالتسعيرة.
مستلزمات رمضان
يقول الخبير الاقتصادي، د. محمد النيل، في تصريحات صحفية إن على الجهات المعنية أن تسعى جاهدة لفرض مزيد من الرقابة على الأسواق عامة، كما طالب بضرورة إعادة مواقع البيع المخفض التي تتمتع بتسهيلات وإعفاءات حكومية، مثلما كانت في السابق، وأشار إلى أنه لا تحصيل عليها أو رسوم مثل المتاجر، ونوه إلى أن الحكومة ينبغي أن تكون حريصة على حماية المستهلك، وخاصة من محدودي الدخل، وأوضح أن مع اقتراب شهر رمضان كان ينبغي على الجهات الحكومية أن تفعل مبادرات لتقديم خدمات ومساعدات وتسهيلات للعاملين وخاصة في ما يعينهم من المستلزمات الرمضانية.