أفل مِن عالمنا يوم الأربعاء ١٩/٢/٢٠٢٠ نجم المبدعة رتاج الأغا، وإن أفَلَ فإنما أفَلَ شُعاع أيقونة من أيقوناته وكوكب من عيار الثريّا، شمعة مضيئة لم تنطفئ، فَصَمْت المنية لم يمهلها أن تواصل مسيرة الابداعات أن تسمو على درب النجاحات المتتالية التي حققتها، نجاحا تلو الآخر، بَنَت بجمال عالمها الإعلاميّ ليُشارَ إليه بالبنان. رحلت وحملت معها ودّ الناس ومحبتنا بما أثرت في دنيا الفن من لحن وبما أغدقت من جمال. ستبقي يا رتاج، رتاجَ مُنى وسلوى وستبقى ذكراك عطرة في الفؤاد، شعلة تضئ لنا الطرق، تنير لنا السُبل، تُحيطنا بِجمالها الأبديّ لتحيا ما حيينا.
محبوبتي أُنثى … بلونِ الرَّتاجْ
هي الأوفى … وهل يُخفى؟!
هِيَ الفُجَاج … هِيَ الحَجَاجْ
“رتاجُ” بلادي مفخرةْ
عَبقُ يُفَتِّقُ مقبرةْ!
خُطِفت … ولَيلُنا منفى
فيا خضراء صومعتي،
أنَّا لنا بأن نشفى
ساقتكِ فجراً للسماء
فلن تصفو … ولن “نَصْفا”
ناداك قبرٌ … أومأ في خشوع
يُسألُكِ، يُقبِّلُكِ، يُمجِّدُكِ
لِيقُولَ لَكِ: أحانَ الوقت أنْ أحظى؟
فيا عَجبِي مِن لحظٍ ومِن لحظة!
أأضمُّ النرجسَ الأبديّ؟
أأمسُّ الروحَ فَوقَ يَديّ؟
أأشُمُّ العطرْ مِن خدّيّْ؟
فَيذوبُ المِسكُ ملء يَديّ؟
فيا ربِّي، سُلِبتْ حسناءُ أزرقِنا
ضيماً … بِفِعل رَسولِ أحمقنا!
أقَتَلُوكِ دونَ مُساءلة؟ أمعادلة؟
من يشقى؟ بنَجاسِ الطبّ وبالمشفى
دَم الأحرار … ومَن يخشى؟!
مشافي بالدُّمى مَلأى
مَنِ الأعمى … مَنِ الأعشى؟
مَنِ الأدمى … مَنِ الأقشى!
سُلِبت كالزهرة الطاهرة
فُطِست كقطٍّ، بالطرقات الصاغرة،
السافرة، الغابرة والحائرة
لخبزٍ يسدُّ بطون رَمقى عاقرة
يا خالقي، ما لهم لا يأبهون
وإذا نطقنا مُعرضون
من الجنون إلى المنون
لما نراهم ينطقون،
فقائلون: طز ثمّ طُزّ إذ ينطِقون!
لِمن يَسقم ومن يَشفى!
يا إلاهي … لماذا كل هاتيك الظنون؟
مُنِعنا، حتى أن يبقى المُنا
حُرِمنا حتى من عيشِ الهَنا
فعَيبَ الشؤمِ يا أحمق
أقدم نفسي فلتسمعْ؟
نعم، اسمع!
أنا مقبرة النيل على الشجر
وقلمي سأُسِنَّهُ فهو سقر
سأسنَّهُ على جَفنِ السَّحر
أقول الحقّ … لن أعبق
وحزنٌ في سما روحي لَنَا أوثقْ
“اِعمَقَّ” جُرحي كبطنِ النيل
بلا شكّ … ألمي هُوَ الأعمق
أُفاخِرَ رِفقَة “القُبُرين”
لدى شَرْفِي كَما البَكْريّْن؟
وأفضحُ مَن قَضَى عَمدا
صدىً مبحوح … دمٌ “مبيوح”
لخَيبَتِنا … وِمحنَتِنا
ورُغم نِضالِ ثورَتِنا
يا سادتي لُطفا بنا!
وهل يُعقل؟
السمّ على جسمٍ ورديّ!
بضُّ الأنغام كمَا ورديّ
طيرٌ مذ هَاجَرَ، هَجعَتُهُ
القبرُ الأوحد سَلوَتُهُ
تبرٌ قَدْ سَالَ وَدَمعَتُهُ
حزنٌ مغلوبٌ، لَوعَتُهُ
فَقدٌ جَللٌ … وانسدَّ رتاجْ
طُفنَا بالقبر مَعَ الحُجَّاجْ
فَرِحَتْ مقبرةٌ مُقفِرةٌ
نَادَتْ فِي سكرٍ، مِحنَتُهُ
أهَلُمِّي إليّ أيا سلمى!
انسي مَن أضحى ومَن أمسى
فَقدُكِ قَد حَلَّ وقَد أحسى
يا سيدتي … أنت الأُنثى!
أنت المصدوقة والأوفى
أُصارحكِ وبكل وضوح
بالله عليك … فهل أنسى؟
أنَّكِ بالأمسِ على شاشة
بجمال الرُّوح البشاشة
أرجوكِ! من قبلِ نُضُوبِ الأحبارِ
حسنا، حُكْمُ الأمصارِ لَنَا سَاري
مَلَكوتُ الحَبرِ الجبَّارِ
حَفِظوا آيَات الأسفارِ
سألتُ المِّلَةَ بدياري:
لأُعلِمَهم … ولأُخبِرَهُم
ما معنى “رتاجُ” الأقبارِ؟
عربيٌّ أفصح ب”سِياجي”
أو أغلبُ ظَنّ فُجَّاجِ
“يَمُّ” الفردوس وبِبحارِي
خُلدِي ومنابع أشعاري
في برزخ جنّة إشعاري
فِي اللّه وداعا سيدتي
بابي ومحيطي ودياري
في فُلكِ البحر وبشعاري
نغمٌ للروح… لِقيثارة
لحنٌ للعودِ… لأوتاري
صوتُ الحرّية إجبَاري
فأنا خَيرتُك فاختاري
ما بين الموت على شعري
أو فوق ملاحمِ أحباري
ونزاري لو كان حيّا
بَلقِيسُهُ أنت مِن الغَارِ
ولأنشد فيك معلقةً
بضِفافِ الشّعرِ العبَّارِ
فَوا أسفاه يا بَلَدي
ذُبِحَت أنواءُ الأقمارِ
خُلقت لِقيادة موكبنا
والعارُ العَارُ مِن العَارِ
أمرٌ “صَعَب” يَا ثوّاري
فليغضب نيلٌ من غَضبِي!
قلُ للأحمرِ … لِلصُّحُبِ
لصحائفَ زَهرٍ … للكُتُبِ
صَبُّ الكنداكة يا ثورة
لَمْ يَعلمْ بَرَدَى بقصتها
وليوم البعث إذن تُرُوى!
وبماء النيل بِها تُروى
لتَسِيلَ إلى مروي شَجوا
ذكرى محبوبتنا سلوى
خبرُ الأمواجِ أيا “صَدوَه”
يا سيدتي … يا سيدتي
أميرة عمري والفِكَّرْ
ولكن … أين العِبَر؟
أشجاني تُرعِشُها الذِّكَرْ
تأوي مع النسيان إلى القُبُر
يرثي كآبَتَتنا السَّحَر
النيلْ وأمواجِ “البَحَر”
من فوقِ نِيران القَمَر
وداعا يا رتاج
وداعا سيدتي
وداعا يا قمر