في أكثر من تنظيم ثوري وفي اكثر من قروب مهني لمست الكره العجيب للاحزاب السياسية، كرها لو وزع على الأرض لاحرقها من اقصاها إلى اقصاها.
هذا الكره العجيب والعميق لا أدري من أين أتى! ان كان جاء من فكرة ان الاحزاب السياسية عجزت عن اقامة نظام حكم مستقر، فان الاحزاب لها دفوعاتها، فهي لم تجد الوقت الكافي لتتعافى في ظل هيمنة الانظمة العسكرية على السلطة في السودان.
يجب التذكير بأن الاحزاب السياسية ظلت على الدوام تدفع فاتورة النضال ضد الانظمة الدكتاتورية من سجون واعتقالات وفصل عن العمل وتعذيب وتضييق في العيش والحياة.
المواطنون والناشطون يظهرون في فترات الثورات وفي فترات متقطعة من العمل المقاوم، بينما الكوادر السياسية ظلت على الدوام في حالة مواجهة مع الانظمة الشمولية، وهي مواجهة كرست لها هذه الكوادر حياتها ودفعت في سبيل ذلك ثمنا ليس بالهين.
نعم بعض الاحزاب السياسية شاركت هذه الانظمة الدكتاتورية في فترات متقطعة، وصحيح ان بعضها قام بالانقلاب على الديمقراطية، وهذا تاريخ مبذول، وتحاكم عليه الاحزاب بصورة فردية، كل حزب بما كسب، ولكن جمعها جميعا في سلة واحدة وصب الجاز عليها واحراقها فهذه خطيئة كبرى.
الاحزاب السياسية رغم ما بها من اعطاب وعيوب، تظل هي أرقى ما وصلت اليه الإنسانية في آليات ممارسة العمل السياسي، والبوتقة الوحيدة التي تنصهر فيها الاعراق والاديان ويختفي داخلها التمييز هي الاحزاب السياسية.
مهاجمة الاحزاب بالطريقة التي أراها عند قطاع عريض من نشطاء ثورة ديسمبر لا يساعد الثورة، وانما يحطمها.
تدمير الاحزاب السياسية الذي عملت عليه الانقاذ، هو الذي فتح الباب أمام وجود الدعم السريع، وأمام الحركات المسلحة الجهوية، وأمام بروز النعرة القبلية والعنصرية.
اذا رأي البعض في الاحزاب الموجودة عيوبا وعدم اتفاق مع اطروحاتها، فعليه ان يكون حزبا جديدا وينازلها بالطرق المدنية في الساحات السياسية، والحشاش يملا شبكته.
يوسف السندي
sondy25@gmail.com