البرهان يناطح مجلس الامن برسالة عبثية أوصلها نادر يوسف : غيّروا فولكر والا سأطرده !
الجمعة 22 أبريل واشنطن نبدأ بتساؤل : ماهي اكبر تهمة يحاول البرهان إلصاقها بعمل بعثة فولكر ؟ يتهمها الجنرال بتجاوزها حدود المسموح لها من تفويض وصلاحيات ويقول انها انغمست اكثر مما ينبغي في الشأن السوداني بتواصلها مع اطراف واحزاب وحتي أفراد ، وأنكر عليها ذلك وعده تدخلا “سافرا” في الشؤون السودانية ! حسنا ، ولان الخطأين لا يتمخضا عن واحد صحيح ، لن ندافع بالمتطابق من مقاربة فيما يخص ( السيادة المنتهكة ) كأن نذكره برحلات الاسرائيليين المتكررة لبلادنا التي تتم بتكتم وسرية وبلا فيزات حتي ! زيارات لا يعلم بها الوزراء ولا أركان النظام ولا قادة الاجهزة الامنية . ولن نقول شيئا عن سفراء البلدان العربية الثلاثة ودبلوماسييهم وعربات بعثاتهم التي حفظ العوام في الشارع ارقامها هيئاتها المتسلسلة … لنذهب لجوهر الموضوع . ما هو الاسم الذي اطلقه مجلس الامن الدولي علي بعثة فولكر التي تأسست بناءا علي طلب رسمي من حكومة السودان لمعاونته ؟ اسم البعثة باللغة الانجليزية هو : The UN integrated Transition Assistance Mission Sudan ( UNITAMS) وبالعربية هو : بعثة الامم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان يونيتامس إذن ، وبالتعريف والتسمية ، فهي بعثة مصممة خصيصا لضمان الانتقال الديموقراطي وفعل كل ما من شأنه ان يفضي لذلك ولو عني ذاك جلسات عمل مع عفاريت السودان ! ولان البعثة شكلّها مجلس الامن الدولي فان البرهان ، حتي ولو كان رئيسا شرعيا ومنتخبا بواسطة كل اهل السودان ، لا يستطيع انهاء وجودها بجرة قلم من درج مكتبه . اذا اراد تعديل تفويض البعثة ، او الغاء وجودها ، فعليه بالدبلوماسية والمزيد منها . علي البرهان ان يجتهد ويخلق مرئيات سياسية متماسكة ومقنعة يبرر فيها عدم حاجة السودان لوجود تلك البعثة . بعد ذلك عليه الانهماك في الترويج لذلك الموقف وان يشرح للاسرة الدولية لماذا يريد ذلك . عليه ان ينسي “هذرلوجيا” الحلقوم العالي وعنتريات صقيرها حام وتحت جزمتي ، فتلك لغة لم تورث بلادنا سوي التندر الدولي ولم يحصد منها شعبنا سوي عزلة قاسية. الأجدي لبرهان ان يحرك إطفائياته واصدقاؤه في مجهودات “تجنيس ” القوي الكبري والصغري من اعضاء مجلس الدولي (15 عضوا ) للتأثير عليها وكسبها في حملته المناهضة . 🟡مهام فولكر : من يراجع الفضاء التنفيذي لما يفترض ان تضطلع به البعثة من أعمال لابد وان يبصم شاهدا عليّ كذب كل ادعاءات البرهان . فولكر موجود بالخرطوم ليس لتجريب مشقة العيش في بلد منهوب الثروات وردئ الخدمات ويقوده أناس لا علاقة لهم بأحلام شعبهم ، فهو موظف اممي وقع عليه الاختبار لتنفيذ مصفوفة من المهام أهمها : الاشراف علي الانتقال من الديكتاتورية العسكرية للحكم المدني وتعزيز الحكم الديمقراطي في السودان ، حماية حقوق الإنسان، وتمكين المرأة والشباب من المشاركة في نظم الحكم الجديد، تكوين الآليات المطلوبة لإجراء الانتخابات فور إنتهاء الفترة الانتقالية، إصلاح الأجهزة العدلية ، كدعم عملية السلام وإشراك كل القوى الوطنية في الحكم وعدم التمييز بين المواطنين على أسس اثنية أو جهوية أو دينية أو غيرها . باختصار ، مهمة فولكر مفتوحة السقف ، في الاعلي ، وذات مسؤوليات أفقية متعددة . والاهم من كل ذلك ان فولكر ، وليس البرهان أو كيزان خارجيته العائدين ، من يقرر مناهج العمل وأولوياته . فمثلا ، أختار له السودان منسقا وطنيا لاعانته وتيسير مهمته ، فقبل به . لكن ماذا حدث لصديقنا السفير المخضرم مولانا عمر الشيخ ؟ لقد قدم إستقالته لحمدوك قبل ان يباشر مهامه الحقيقية بسبب اهمال الحكومة السودانية لدوره وتهميشها المتعمد له بل وفشلها في توفير أبسط المعينات له لاداء مهمته مثل توفير مقر له !! ⚪️التحضير لسيناريو طرد فولكر وفتح ابواب جهنم : قلنا ان الامين العام اختار مبعوثه الالماني وارسله كمبعوث شخصي له وأطلق يده لاتخاذ ما يراه من قرارات في تأسيس بعثة يونيتامس . لو اراد البرهان ان يعيد التأريخ لايام عمر البشير ويطرد فولكر مثلما طرد الديكتاتور السابق يان برونك في عام 2006 ، يجب الانتباه لبضعة عناصر تجعل المقارنة ما بين المبعوثين الاميين غير واردة . فالظرف والسبب الذي تم فيه ، ولاجله ابتعاث فولكر ، يختلف تماما عما كان عليه الامر قبل 16 عاما . بالبداهة الفارق الاساسي هو انفعال الاسرة الدولية وتأييدها غير المسبوق لثورة شعب السودان السلمية العظيمة والارادة الشعبية التي اظهرت اشواقا للعودة للحكم المدني . لذلك فإن الصلاحيات الممنوحة لفولكر تفوق كثيرا المهام المقيدة التي تم تفصيلها للمستر برونك الذي اتي نتيجة لمذابح دارفور والتحقيقات الجنائية ذات الصلة بها . 🟢دلالة التواريخ في التصعيد: عندما قدم فولكر افادته ( الشجاعة ) امام مجلس الامن يوم الاثنين 28 مارس ، كان انقلاب البرهان قد اكمل شهره الرابع وأجهز علي ما يقارب علي المائة شهيد والالاف من الجرحي والمعاقين والمسجونين . ياتري ماذا كان يتوقع البرهان من فولكر أن يقول امام هذه الصورة الرديئة من الشاخص السياسي ؟ كيف يمكن إصدار شهادة زور وكل ماثل ينزلق لدرجة أدني من القبح؟ قال فولكر ان بلادنا تتجه نحو “انهيار اقتصادي وأمني ومعاناة إنسانية كبيرة” ما لم تُستأنف الفترة الانتقالية بقيادة مدنية . وحذر الرجل من الفراغ الامني وانحسار نشاط اجهزة الامن وارتفاع معدلات الجريمة والفوضى، وقتل المتظاهرين المناهضين للانقلاب، والعنف ضد المرأة “من جانب أفراد قوات الأمن”كما أسماهم صراحة ، وقال انهم يستهدفون النشطاء . هل فيما قاله فولكر تجنيا علي الواقع المؤلم الذي ظلت تعيشه بلادنا منذ أن سطا البرهان ودقلو اخوان علي السلطة ؟ وهل اصاب الكوز البوق إبراهيم الحوري في جريدة الكاكي المزور حينما اتهم ان البعثة الاممية بأنها “لم تلتزم بمبدأ الحياد”.؟؟؟ ⛔️اربط التواريخ : يوم 28 مارس قدم فولكر اضاءته الشجاعة لمجلس الامن الدولي ، وبعد يومين جاء الرد الغاضب من برهان مهددا بطرده من السودان ! ثم وبعد يومين من حديثه الغاضب ، اي يوم 3 ابريل طلب فولكر مقابلة برهان . عندما اتهمه برهان وقال له إن الإحاطة أمام مجلس الامن ( لم تكن شاملة لمجمل الأوضاع في البلاد، ولم تستصحب معها المؤشرات الإيجابية التي حدثت على الأرض والوقوف علي مسافة واحدة مع كل الاطراف بما فيها الجيش ) رد فولكر بكل ادب نافيا عن بعثته الانحياز وقال له ان محتويات تقريره هي حقائق مستقاة من تقارير بالخرطوم وأضاف (لا مانع لديّ مراجعة اي جزئية غير صحيحة ) اذا وفرت السلطات السودانية ما يناهض صحة ماأوردت من معلومات !! في يوم 5 أبريل شعر سفراء الترويكا بالخرطوم ( أمريكا ، بريطانيا والنرويج )ضرورة إبلاغ البرهان رسالة هامة تؤكد متابعتهم لمجريات الشأن السوداني بعين لا تتثاءب بسبب مايحدث في اوكرانيا ، وان عواصمهم ومحبي الامن الدولي يؤيدون تقرير فولكر والموضوعية التي تميز بها . في هذا الاجتماع قالوا للبرهان ان اي مساس بعمل او وجود بعثة فولكر بالسودان وتنفيذ قرار طردها سيجلب متاعب كثيرة جدا للحكومة وهو اجراء غير مقبول . يوم 15 أبريل طلب ثالوث سفراء المنظمات العالمية والاقليمية العاملة بالسودان ( يونامتس ، الاتحاد الافريقي والايفاد ) مقابلة برهان وابلغوه رضاهم عن دور الامم المتحدة ومساندتهم لتقريرها . عندها احس الانقلابي ان الحوائط تطبق عليه فقرر أن يقفز لأعلي ! وبالفعل قرر يوم 18 أبريل نقل المعركة الي نيويورك ! فبدلا من ان يفكر في تسديد المتأخرات المتراكمة والمستحقة علي بلادنا والبالغة 600 الف دولار ( يمكن ان تتسبب في تعطيل امتيازنا في التصويت في الجمعية العامة كما حدث في 1980 في جلسة لادانة الغزو السوفيتي لافغانستان المسلمة في اواخر 1979 ) فإنه ارسل وفدا من أشهر الدبلوماسيين الانتهازيين سلالة ( حاضر ياسعادتو ، أنا آتيك به ) بعين مفتوحة علي بدل السفرية الدولارية وعدد الايام . الاول الوكيل الحالي السفير ، نادر يوسف ، حريف الانتهاز والمدير السابق لمكتب وزير الخارجية وامبراطور سوق المقاولات ومواد البناء والخرصانة الجاهزة ، علي كرتي . اما الثاني ، السفير حسن حامد ، وهو ايضا كوز مجبول علي حب عواصم الكفار ومنها نيويورك التي نسوه فيها لاكثر من 10 سنوات . نخلص بالتذكير ان اللاعب الجديد في ملف فولكر هو حارس مصالح الكيزان ، الفريق م . إبراهيم جابر ، الذي يمسك بملفات الاموال الخاصة لشركات الاتصالات والاقتصاد . تم تعيينه اخيرا رئيسا لمجموعة مهمتها الاساسية “عرقلة” عمل البعثة الدولية وتشويه سمعتها إلى أن تفشل في مهمتها ومغادرة البلاد. ننتظر بهلوانيات البرهان بعد ان دخلنا عمليا مرحلة (وسِّع قدّها) … 🔵كلمة اخيرة : القادة المحترمون والقادة الغوغائيون : القادة المحترمون يبنون تحركاتهم وفق استراتيجيات يعكف علي صياغة فرضياتها واستخلاص بدائلها وخياراتها مختصون يستقرأون حركة العناصر وتفاعلاتها فيصيغون مايعرف بخطط الطوارئ البديلة Contingency plans خطة الطوارئ ، وبالتعريف، هي أول خطة يعتمدها من يقيّمون المخاطر في المؤسسة لتحديد ما حدث ، ولماذا حدث ،وهل يمكن “منع”تكرار حدوثه ، وماذا سنفعل إن تكرر الحدث؟ نسق كامل ومرتب . وفي الجانب الاخر يصطف قادة” الشغب” الغوغائيون بلا خطط بديلة او بطيخ . يتعاملون مع المستجدات بالحكمة المبرأة من التحسب ( زي ما تجي تجي ). عندما تتعسر المغامرة غير المحسوبة العواقب التي نفذوها ، تراهم يشدون الرحال الي أهل القباب حيث الحلول تتدفق من صنبور أباريق مشائخ مايرنو، او هكذا يتوهمون !! جرّبنا هذا الهوس في آخر ايام حكم النميري ، وجربنا ذات الشئ في خلافة الخليفة الاستوائي عمر البشير . فالشموليون يستوون عند الزنقة ، فتتطابق خياراتهم وتصبح هي ْ هيْ ، وذات صلة بكل اللامعقول من ” ياجماعة دعواتكم ” والي ” كدي النوسع قدها “ الاستنتاج الخاتم هو ان أدبيات خطط الطوارئ والتخطيط الاستراتيجي ولكونها تعتمد علي مناهج الإستقراء العلمي فهي عديمة الصلة بهذه العصيدة البرهانية . فخطة الطوارئ هي خطة يتم تفعيلها للرد علي الكوارث ، مثل إنقلاب 25 أكتوبر . وخطة الطوارئ توفر البدائل الجاهزة للخروج من المأزق بأقل التكاليف عبر شبكة من الخيارات العملياتية وهي ما تشكل خريطة الطريق للتعافي في مراحل ما بعد الكوارث. .