أتابع عن كثب مسيرة الحزب الشيوعي .. قرأت له وعنه عشرات الآلاف من الصفحات، من الكتب والبيانات والمذكرات الشخصية واللقاءات الصحافية والوثائق السرية داخل السودان وخارجه.
أعكف الآن على كتابة كتاب عن هذا الحزب ما له وما عليه منذ تأسيسه في أربعينيات القرن الماضي بين مصر والسودان إلى يوم الناس هذا.
تعرفت على سلوكه السياسي تماماً وسيصدر كل ذلك في الكتاب المزمع إن شاء الله تعالى.
موقفه من إتفاقية الحكم الذاتي المفضية للاستقلال ومعارضته لها، وموقفه من الحكومة الوطنية الأولى (حكومة السيد إسماعيل الأزهري) وعرقلة نشاطها، ودوره في مجاعة الجنوب وموقفه المساند لمصر في أزمة حلايب وموقفه كذلك في اتفاقية مياه النيل وعلاقاته الخارجية بدول الجوار وبالاتحاد السوفيتي. ودخوله ومشاركته في المجلس المركزي لحكومة عبود العسكرية. وتغلغله في الجيش وتخطيطه للاستيلاء على السلطة قبل انقلاب عبود نفسه وبعد ذلك. ومحاولته للانقلاب في 1966 ودوره في انقلاب مايو وإنكار ذلك. ودوره في مجزرة الجزيرة أبا وإنكار ذلك. ودوره في انقلاب هاشم العطا وإنكار ذلك. ودوره في مجزرة بيت الضيافة وإنكار ذلك. وسيتعرض الكتاب لبذور العنف وجذوره، والوسائل السرية في اختراق الجيش وتسليح الشيوعيين المدنيين. وكذلك سيتطرق لمصادر التمويل الأجنبية.
لن يكون الكتاب كما يبدو من هذا الكلام سجلاً للمخازي وإنما سيكون تحليلاً للعوامل الموضوعية التي حكمت سلوك الحزب في تاريخه: عوامل البيئة السياسية والعوامل الآيديولوجية المرتبطة بالماركسية اللينينية وعوامل النشأة الاجتماعية لقادة الحزب الشيوعي وعوامل النزعات الشخصية وعوامل النفوذ الأجنبي الذي تعرض له الحزب من حلفائه سواء من قبل الاتحاد السوفيتي أو من مصر الناصرية.
وسيدرس الكتاب العيوب الناتجة عن الطبيعة الآيديولوجية وطبيعة الممارسة اللينينية في الاتحاد السوفيتي واتجاه الهيمنة الروسية على الأحزاب الشيوعية لا سيما شروط لينين للقبول في الأممية الشيوعية (شروط عضوية الكومنترن) التسعة عشر..الخ.
وكذلك سيدرس العيوب الناتجة عن السرية والتنظيم البوليسي ومبدأ الديمقراطية المركزية والدستور الذي يقنن كل ذلك السلوك ويقضي على الديمقراطية.
كما ستمتد الدراسة إن شاء الله لتصل إلى حاضرنا الذي صار فيه الحزب مخترقاً للإسلامويين (ويا للغرابة!)..
باختصار ليس هناك جديد في سلوك الحزب الشيوعي بالنسبة لي. لكن بيان تجمع المهنيين اليوم أطلق إتهامات خطيرة ليس أهمها محاولة الحزب الشيوعي الهيمنة على التجمع وإقصاء الآخرين وتسييس التجمع وإنما الاتهامات الصريحة مثل:
• محاولة إعاقة عملية الانتقال السياسي ابتداءً من الوثيقة الدستورية.
• عرقلة لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو.
• مساعي تخريب جهود السلام الحالية.
• تناغم هذه المساعي مع مشروع الانقضاض على الفترة الانتقالية بواسطة أعدائها لتتكامل جهود الفئتين في خدمة تفكيك تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، وإضعاف الحكومة المدنية واستثمار هشاشة الشراكة لصالح فضها.) على حسب تعبير البيان. ويمكنني إضافة اتهامات أكثر من هذه وأكبرها:
• تسميم الحزب الشيوعي للجو العام للفترة الانتقالية بعد سقوط الانقاذ، ودلائله كثيرة فالحزب صار خميرة عكننة:
- فهو ضد شراكة المكون العسكري ويسعى لتسميم العلاقة المدنية العسكرية.
- وهو ضد الوثيقة الدستورية.
- وهو يشيطن حلفاءه في الحرية والتغيير لا سيما حزب الأمة.
- وهو خميرة عكننة في تجمع المهنيين.
- وهو يدعو لمليونية 21 اكتوبر في تنسيق مع النظام البائد ويصرح السيد صديق يوسف للجزيرة نت أن حزبه لا يؤيد حجر مسيرة الاسلاميين قائلاً(هم جزء من الشعب ونحن ضد الحجر عليهم) هذا بينما يشيطنون القوى الأخرى ويسخرون من الهبوط الناعم. ولا أود أن أرجع لسجل لقاءات الشيوعي مع المؤتمر الوطني وحواراته معهم ولا مع جهاز الأمن في عهد الانقاذ وبياناته الرسمية في ذلك الحوار الخ.
- والحزب الشيوعي يرفض زيادة الأجور والمرتبات رغم أنها كانت واحدة من أهم شعارات حراك تجمع المهنيين في ديسمبر 2018.
سؤال المليون دولار.. لماذا يفعل الحزب الشيوعي ذلك؟ وهل بالأصالة أم بالوكالة ؟