الصراع السياسي بين الاحزاب السياسية مفهوم، ولكن يجب أن يحكم هذا الصراع القانون، وأن لا يتجاوز الأسس الأخلاقية للمجتمع، وأن يجرم ويمنع اتجاه الاحزاب لاستغلال المؤسسات المستقلة كالنقابات والجيش.
تعمل بعض الاحزاب السياسية السودانية بصورة حثيثة من أجل السيطرة على النقابات والكيانات الشعبية المستقلة، واستخدامها ازرعا لمواجهة الاخر الحزبي، كما حدث في تجمع المهنيين، وبعض لجان المقاومة.
كما تعمل بعض الاحزاب على التغلغل في القوات المسلحة او الاستعانة بها لتنفيذ الانقلابات على الاخر الحزبي والسياسي، كما حدث من أحزاب تحالف الموز حاليا والانقلابات في الماضي.
الذين يخترقون النقابات المستقلة ويستغلونها في المعارك السياسية مع الاخر المدني، ينسفون اعمدة التماسك الوطني المبنية على ضمان استقلالية الحركة النقابية والمحافظة عليها كرافعة وطنية تتجاوز الايدولوجيات والانتهازية والكسب السياسي.
والذين يخترقون القوات المسلحة ويستغلونها في خدمة اجندة حزبية ذاتية يقودون البلاد إلى الفشل والدكتاتورية.
التجربة السياسية اظهرت لجميع الاحزاب السياسية أن اختراق النقابات ولجان المقاومة هو نسف لحبال تماسك الوطن، وأن اختراق القوات المسلحة او استغلالها هو نهاية اكيدة لأحلام العمل السياسي السليم والوطن الحر الديمقراطي.
خلال ثورة ديسمبر، حافظ الشباب السوداني على خطاب ثوري واعي، حمل المستغلين للقوات المسلحة (المؤتمر الوطني) مسؤلية الانفراد بالحكم دونا عن بقية الشعب، كما حمل الاحزاب ذات الصبغة الايدولوجية مسؤلية اختراق ادوات الجماهير والياتها وتحويلها من ادوات وطنية إلى ادوات حزبية.
هذه المعركة التي تدور في الجانب الخفي من الثورة والتي تسعى لتفكيك جذور طبيعة الصراع المبنية على اصرار بعض الاحزاب السياسية على استخدام واستغلال الأدوات الوطنية المستقلة لمصالح حزبية، هي المعركة الاكبر في ثورة ديسمبر.
نجاح ثورة ديسمبر في الخروج بجيش قومي النزعة واحد ومهني، وبنقابات ومجتمع مدني محايد وغير منحاز، هو أهم خطوات بناء السودان الجديد، القادر على النهضة والتطور.
يوسف السندي
sondy25@gmail.com