ما علينا ان يكن حزنا فللحزن ذبالات مضيئة أو يكن قصدا بلا معنى ، فللمرء ذهابا بعد جيئة أو يكن خيفة مجهول فللخوف وقاء ودريئة من يقين ومشيئة فهلمي يا منايانا جحافل تجدينا لك أنداد المحافل القرى منا وفينا لك والديوان حافل ولنا صبر على المكروه- ان دام- جميل من (نحن والردى) لصلاح أحمد إبراهيم خمسون عاما وتزيد من عمرها أنفقتها فتحية محمد أحمد في محراب الثقافة والإعلام في السودان ، أطلقت صرختها الأولى من الأبيض عام 1948م ودرست هناك المرحلة الاولية، ويممت وجهها شطر العاصمة السودانية الخرطوم، حيث أكملت هناك تعليمها الثانوي، ثم دراسات في علم التمريض، لكن توزعت طاقتها الإبداعية بين أبي الفنون وموجات الأثير الإذاعي وشاشات التلفاز.
عرفها الجميع منذ ستينيات القرن المنصرم، من خلال أعمال فنية ربما بدأتها مع المسرح والتلفزيون في العام 1964م مع محمود سراج “أبوقبورة” وإسماعيل خورشيد في مجموعة من الاسكتشات، بجانب تعاونها مع الإذاعة السودانية من خلال برنامج “انس همومك”، ثم عملت كاتبة بصحيفة الشرق الأوسط باسم مستعار “بتسعة دولار”.
دخلت فتحية محمد أحمد قلوب الناس، وصافحت عيونهم عبر “الحيطة المايلة” لحمدنا الله عبدالقادر و”الدهباية” لعلي البدوي المبارك. الدهباية عمل نفذ مسرحية ومسلسلا إذاعيا ثم تلفزيونيا، و “المك نمر” لإبراهيم العبادي والفكي عبدالرحمن، بجانب دور البطولة مع مكي سنادة في “خطوبة سهير” و”حالة طوارئ” لعثمان أحمد حمد “ابو دليبة”، بجانب “الرفض” و “شبهينا واتلاقينا”، وغير ذلك من الأعمال الفنية التي لامست العقل والقلب والوجدان في تلك الفترة ، مثل “على عينك يا تاجر” و “عينك في الفيل” لبدرالدين هاشم.
ومن خلال مسيرتها الممتدة، تابعتها عبر باقة منتقاة من عروض درامية، تميزت فيها بالبساطة والإجادة، وأدّت أدواراً وصفت بالتميز ، وذلك من خلال “مهمة خاصة جدا” ، و”تلفون القلوب”، و”الدلالية”.
وشكلت ثنائية مع أول رئيس لاتحاد الممثلين السودانيين و”عميد المسرح السوداني” المخرج أحمد عثمان عيسى في مسرحيتين هما “إبليس” لخالد أبو الروس و “العروس في المطار” لمحمود سراج “أبو قبورة”. مرورًا بأعمال أخرى مدهشة للمتلقي الحصيف،
تفوقت على نفسها في دور “نفيسة” في “أقمار الضواحي” عام 2001م للمخرج قاسم أبوزيد، تأليف عبدالناصر الطائف، بجانب إجادتها لدور “علوية” في مسلسل “الشيمة” عام 1999م، تأليف جعفر سعيد الريح وإخراج مجدي مكي، ثم والدة أبو سنيدة في مسلسل “الشاهد والضحية” عام 1994م، ودور في “سكة الخطر” عام 1997م ، تأليف أمين محمد أحمد وإخراج فاروق سليمان.
عانت في الفترة الأخيرة من المرض، وأطلقت نداءات عاجلة من شخصيات ومؤسسات، على المستويين الرسمي والشعبي لعلاجها كمنظمة “أرض الطيبين الخيرية”، أو مناشدة الإعلامي الطيب عبدالماجد وآخرين، لكنه الموت سبيل الأولين والآخرين، صعدت روحها مفارقة الدنيا اليوم بعد مسيرة حافلة بالمنجزات الفنية (سمعية ، بصرية ، مقروءة)، والتي ناقشت هي الأخرى عدداً من القضايا.
أحبت فتحية المسرح حباً جماً، كأنها كانت تردد سراً مع جانيس جوبلين روائي (1943 – 1970) : “على خشبه المسرح أمارس الحب مع خمسة وعشرين ألف متفرج؛ ثم أرجع بيتي وحيدة.
في صباح اليوم الثلاثاء الثالث من شوال 1443ه الموافق للثالث من مايو 2022م ، ها هي فتحية وبعد معاناة مع المرض، ترحل اليوم وحيدة، لا، إلى بيتها، بل إلى جوار الله سبحانه وتعالى، اللهم تقبلها عندك القبول الحسن، ونسألك لها وللمتوفين الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وفسيح جناتك مع الذين أنعمت عليهم من الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.