أبشروا بالنعيم القادم.. فلا حرب مياه ولا يحزنون، ومن يقولوا إن آفة المستقبل هي حروب المياه ينفخوا بالونة رعب لا أكثر.
صحيح أننا نقاتل الظروف في الكثير من مناطقنا ومنها أحياء الخرطوم لهثاً خلف الماء، وصحيح أن موتورات الماء التي تشفط مياه “الحكومة” الشحيحة صارت ضرورة لتنعم بيوتنا بما يقيها شرور الظمأ، لكن الصحيح أيضا أن الأمر لم يصل إلى أن يحمل الجيران سيوفهم ضد بعضهم البعض قتالا على الجرعة العزيزة!
والحمد لله أن أيام المستقبل القريب حبلى بالبشريات، فهل سمعتم، مثلا، عن استخراج الماء من الهواء؟ نعم من الهواء، وهي تقنية لا تفعل أكثر من شيء بسيط هو تحويل بخار الماء في الهواء، أي الرطوبة، إلى ماء!
هذا ليس من أحلام العصافير، فالتقنية أصبحت الآن قادرة على ذلك حتى ولو كانت درجات الرطوبة منخفضة، والسعي يجري لتوظيفها في محطات جبارة تطفئ ظمأ البشرية وتحيل شبح الحروب المائية إلى أسطورة من أساطير الأولين.
طبعا هذه التقنية لا تعمل بمهارات ديفيد كوبرفيلد، لكنها تعمل بالكهرباء، والناس قد يعيشون بلا كهرباء لكنهم لن يعيشوا بلا ماء، ولأن التقنيات نفسها تتجه بقوة إلى شمسنا الساطعة لتوفير الكهرباء، فإننا سنكون من أصحاب الحظ الهائل مستقبلا بشمسنا ورطوبتنا ومياهنا الطبيعية والمصنوعة.
والبشريات لا تقف عند هذا الحد، فأخبار الأمس، المتزامنة مع الفرح بالعيد، حملت لنا المفاجأة الصاعقة، وهي أن علماء أمريكيين ابتكروا جهازا محمولا بحجم حقيبة السفر الصغيرة، قادرا على تحويل مياه البحر المالحة إلى مياه شرب عذبة ونظيفة !
يا لحظكم السعيد يا أهل بورتسودان(!)، فالجهاز يقل وزنه عن 10 كيلوجرامات، ويستهلك طاقة أقل من طاقة بطارية الموبايل، ويمكن حتى لأطفال ما قبل المدرسة استخدامه لسهولة تشغيله، إضافة إلى أنه يزيل الباكتيريا الضارة والفيروسات والشوائب وينتج مياها تتفوق في جودتها على معايير منظمة الصحة العالمية.
ألم أقل لكم إن نعيم البشرية قادم؟ هو بالفعل قادم .. إذا لم يهدم أهل الطغيان كوكب الأرض على رؤوسنا.
وعيدكم مبارك.