التسوية التي عقدت مع المجلس العسكري رغم فض الاعتصام ومذابح ٨ و١٠ رمضان هي اخر تسوية معهم وقد قضوا عليها بانقلابهم عليها في ٢٥ اكتوبر.
الحقيقة تقول ان العساكر بانقلاب ٢٥ أكتوبر قضوا على حليفهم الوحيد ضمن الثوار وهم قوى الحرية والتغيير، وبالتالي لا مجال لهم للبكاء على اللبن المسكوب.
انتهى عهد التسويات منذ ٢٥ اكتوبر، ولم تعد هناك أي فرصة ممكنة لهؤلاء العسكر للبقاء في الحكم عبر اي تسوية موضوعية او قومية، خياراتهم اما ان يواصلوا في حكمهم حتى سقوطهم بأمر الشعب، أو تسليمهم السلطة ومغادرة البلد.
رفض التسوية مع المجلس العسكري لا تعني رفض التسوية مع الجيش، المجلس العسكري لا يمثل الجيش وانما يمثل نفسه، وعليه ان يتحمل مسؤولية قراره بالانقلاب على الشرعية الدستورية في ٢٥ اكتوبر، وأن لا يحملوا معهم الجيش هذا الوزر.
الفصل بين الجيش والمجلس العسكري ضروري جدا من أجل النقاش حول المستقبل الديمقراطي للوطن، وحول طبيعة دور الجيش في الدولة المدنية.
الدولة المدنية التي يريدها الثوار لن تتم عبر التفاوض مع المجلس العسكري، وانما عبر التفاوض مع الجيش بعد رحيل عناصر المجلس العسكري وحل المليشيات ودمجها في الجيش.
هذا ليس اختيار ولا قرار، هذا هو المستقبل الذي سيأتي اليوم ام غدا، وكلما تمنع المجلس العسكري، ودعمه رافضي المدنية، كلما غرق السودان في الحضيض اكثر.
لا مجال لعودة السودان مجددا إلى الطريق الصحيح في ظل وجود قادة المجلس العسكري، هذه هي المعادلة البسيطة والمباشرة التي يتعامى عنها الكثيرون.
السياسيون الذين يبحثون عن تسوية مع المجلس العسكري، بحجة ان الوطن مهدد، هم في الحقيقة يريدون المحافظة على خطر وجود الوطن في خانة التهديد لاطول مدة ممكنة، فالخطر هو قادة الانقلاب أنفسهم، ووجودهم في المستقبل يعني وجود الخطر واستمراره.
السياسيون الباحثون عن تسوية مع قادة المجلس العسكري لن يحصلوا عليها، في ظل ثورة الجيل الحالي لن تعيش اي تسوية سياسية تضمن بقاء المجلس العسكري الحالي في السلطة.
التسوية التي تضمن بقاء المجلس العسكري الحالي في السلطة وتجعلهم يفلتون من العقاب على جريمة انقلاب ٢٥ اكتوبر هي ليست تسوية وانما مؤامرة تفتح الباب لانقلاب اخر اكيد في المستقبل، (فمن امن العقوبة قام بانقلاب اخر).
وكل عام والشعب بخير وثورة
يوسف السندي
sondy25@gmail.com