تعتزم الالية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة الايقاد اطلاق حوار حول الازمة السودانية في الايام القادمة.
اذا كان مدخل حوار الالية الثلاثية هو جمع العسكر الانقلابي مع المدنيين في طاولة واحدة، فهذا مدخل خاطيء، يصور الطرفين وكأنهم في ذات المستوى من الجرم في تعقيد المشهد السياسي.
بينما الحقيقة الواضحة للعيان، ان تعقيد الوضع الراهن جاء نتيجة لانقلاب ٢٥ أكتوبر، ولا يمكن مساواة الانقلابيين من العسكر وشركاءهم من المدنيين مع التيار المدني الديمقراطي المطرود بالانقلاب من السلطة او الموجود خارجها في الشوارع.
هناك إجراءات أولية اذا لم تفلح الالية الثلاثية في تحقيقها اولا، فان الحوار سيكون حوار غير مجدي ولن تحظى نتائجه باي فرصة في النجاح.
اول هذه المطلوبات، إنهاء الانقلاب، عبر تنحي قادة المجلس العسكري، وثانيها اعلان ان السلطة الانتقالية التي سيخرج عنها الحوار هي سلطة تكنوقراطية لا مكان فيها للاحزاب السياسية.
من شأن هذه الترتيبات ان تعيد المشهد السياسي إلى ما قبل الانقلاب، وتبعث الطمانينة في الشارع، وتجعل الجميع يقبل على الحوار بروح متجردة سواء كانوا أحزاب سياسية او عسكر او شباب ثوار.
المجلس العسكري لا يهدف عبر هذا الحوار إلى إعادة السلطة المدنية للمدنيين، فهو ان اراد ذلك لا يحتاج إلى حوار، كل الذي عليه ان يتنحى، وانما هدفه الرئيسي هو فك عزلته الدولية واكتساب شرعية دولية لانقلابه، والاستمرار في حكم السودان بالقهر والبطش.
ولذلك اي طاولة حوار تساوي بين الانقلابيين والثوار هي خدمة مجانية لهؤلاء الانقلابيين، ولا يجب أن يقع حزب سياسي راشد في فخ كهذا.
قد يقول قائل بأن رفض الحوار من قبل الثوار قد يفقدهم المجتمع الدولي، والرد عليه بأن المجتمع الدولي اذا اتجه نحو محاصرة الثوار ودعم الانقلاب، فهو ليس جديرا برعاية حوار ولا يجب أن ينتظر الثوار منه خيرا.
إن كان المجتمع الدولي يدعم الشعوب الحرة وحقها في الحياة المدنية الديمقراطية ويرفض الانقلابات العسكرية، فان هذه هي مطالب الشعب السوداني، فليقفوا معها، أو فليتركوا الشعب في مواجهة الانقلاب، فهذا الشعب قادر على هزيمته واسقاطه إلى مزبلة التاريخ.
يوسف السندي
sondy25@gmail.com