عملية الاغتيال التي تعرضت لها، نجمة قناك الجزيرة الأخبارية في فلسطين، ومراسلتها (شيرين أبو عاقلة)، يجب التوقف عندها من قبل الإعلاميين والصحفيين الذين أصبحوا مثل (لوحة) تدريب على إطلاق النار من قبل من يرون في الإعلام (عدواً) لهم، وليسو باحثين عن الحقيقة وتوثيق ما يستحق المتابعة والنشر والبث عبر وسائل الإعلام !
في كل الحروب والنزاعات والإحتراب والصراعات في العالم، يضع الصحفي والإعلامي بصفة عامة (روحه) على كفه، فيما عينيه تحدقان لرصد كل حركة شاردة أو واردة على مسرح الحدث ! يفعل ذلك، وفي تصوره _ أو قُل _ يقينه ان (الموت) قريب منه جداً، وإن لم يعرف من أي اتجاه، أو ممن سيأتي .. ولكن يقينه يظل موجودا بأن طبيعة المهنة التي اختارها طوعاً وشغف بها واحبها لابد “قاتله” إن طال الزمن، أو امتد العمر .. هذه ليست تهويمات أو تخاريف إنسان متشائم أو خائف أو متردد، ولكنها قناعات راسخة بحكم طبيعة العمل الصحفي والإعلامي الذي يغرس في ممتهنه مبكراً، في حالة عشق وحب من (طرف واحد)، تماماً مثل جندي يعرف انه ليس بعيداً عن “منظار و تتبع ورقابة” فوهة” بندقية خصمه أو عدوه فى كل لحظة في الحرب، وهدفاً متحركاً كان أو ثابتاً !تلك هي الصورة التي اقتنعت بها مراسلة الجزيرة الراحلة” شيرين ابو عاقلة” طيلة فترة عملها في القناة، مع قناعة راسخة. وإيمان كامل بأن تبنيها قضية شعبها وبلدها فلسطين، لا ينبغي أن يقف أمامها هواجس الخوف من الموت، فذلك قدر لا مفر منه ! … اما أن يستهدفها (قناصٌ) مجرم ومتهور وغبي، لا يقدر أن رصاص يطلقها على صحفية لا تحمل مثله بندقية أو مدفعاً أو تقود دبابة … سيجعل من جريمة قتلها بدم بارد، حديث العالم وستتصدر صورتها شاشات قنوات فضائيات الدنيا بأركانها الأربعة !
الشهيدة “شيرين” كانت في كامل اناقتها واستعدادها لنقل الحدث، تختمر (خوذة) على رأسها، وصدرياَ واقياً من الرصاص عليه (صفتها) المهنية ( PRESS)، يسبقها شغف ملاحقة الحدث بروح الصحفي / الإعلامي الحصيف دون وجل ولا خوف .. إلا أن الرصاصة جاءتها مصوبة نحو (رأسها / عقلها) دون بقية أجزاء جسمها (!!) ولم تكن وسط هرج ومرج بين متعاركين أو متظاهرين غاضبين … بل أخذت وضعية (الحذر والاحتماء) التي يُدرب عليها المراسلون ضمن برامج تدريبهم وتأهيلهم لمواجهة الخطر والاستعداد لتفاديه .. ولكن، حين يأتي القدر، فلا يفيد الحذر !!ويبقى (خبر) استشهاد “شيرين أبو عاقلة” ورحيلها المُر والمفاجيء والمؤلم … هو (الخبر) الذي كانت تجري وراءه، وقد هَزَّ العالم كله، وأصبحت (هي) الخبر، و(موتها) هو الفاجعة !!…. رحمك الله، وستبقين في ذاكرة حيل كامل ممن عملوا معك، وبادلوك المحبة والتقدير والاحترام !!