وداعا غيرزيلدا الطيب
د. وجدي كامل بصيف عام 2006 كنا نمشي على شوارع حى عتيق بمدينة لندن وهى تتوكأ عصاة غير غليظة، وكنت مضطرا لان اقوم بالتصوير رغم انه ليس بمهنتي. كانت تحكي لى بشغف ووفاء عن انها و (عبد الله) كانا كثيرا ما يتمشيان على شوارع هذا الحى .وصعدنا الى الطابق الثاني لعمارة تقع على طريق رئيسي بذلك الحى وفهمت ان الشقة التي نحن بها والتي سكنها بن اختها في تلك الايام كانت لهما ذات يوم. جلست تسرد ذكرياتها معه وهما ببداية حياة زوجية بدا انها كانت شاقة وبها شى من مغامرة وتحديات اجتماعية بهذه الشقة. عندما نزلنا الى الشارع مرة اخرى كانت قد تذكرت معلومة هامة نسيت ان تذكرها للكاميرا ونحن بالشقة فوقفت تنظر الى اعلى وهى تمسك بعصاتها ثم التفتت لى تتحدث بلهجة سودانية مكسرة بلسان انجليزي : شوف يا وجدي، – انا وعبد الله زمان كنا اتشاكلنا هنا- وكانت تشير الى الشقة بعصاتها. ثم اردفت: انا زعلت وقمت رميت الورق بتاع رسالة الدكتوراة الاولى لعبدالله وخلاص ضاع. صمتت لثوان واكملت : عبد الله تاني كتب الرسالة. بعدها وبمكان غبر بعيد كان من البناية اوقفتني امام مسبح كتبت على يافطة قسميه المتجاورين- مسبح للنساء ومسبح للرجال. قالت لي: زمان النسوان كان عندهم مسبح براهم هنا والرجال وا حد براهم—— انا بجي مع عبد الله ادخل حوض سباحة بتاع النسوان وهو بتاع الرجال. عدنا الى الخرطوم بعد زيارة للندن كانت قد اعدت خصيصا كسمنار او ندوة بحثية عن عبد الله الطيب اشرف عليها الدكتور والاستاذ الجامعي محمد هارون برعاية رجل الاعمال السوداني الراحل الشيخ ابراهيم الطيب، وقد كان صديقا مقربا لعبد الله الطيب وعاش معه وشقيقه ايضا لسنوات بنيجريا التي ذهب اليها عبد الله الطيب عامي ١٩٦٤- ١٩٦٦ لتأسيس معهد عبد الله بييرو لللغة العربية والدراسات الاسلامية. صورتها اثناء الجلسات وهى تنصت باهتمام للمتحدثين الكثر من طلاب وبعض زملاء ومن عرفوا عيد الله الطيب وعدنا وواصلت توثيقي لعلاقتهما عبر جلسات تصوير متكررة بمنزلها الكائن ببيوت الجامعة ببري. ثم صرت ازورها بين الفينة والاخرى او اتوقف عندها وهي تعرض بعض الفولكلور امام منزلهم. كنا نزمع عمل فيلم عن عبد الله الطيب وحالت بعض العوائق الاسرية داخل اسرة الرجل العلامة دون اكماله وظلت مادته محفوظة عندي باستوديو مركز مالك بالدمازين الى يوم تقبل فيه الاسرة بالدامر التصوير ولكن تم نسف الارشيف والموادبعد ان ادى تهديم المركز بدانات الانقاذ الى محو كل شي وسرقته. سرقت منى مواد مصورة تقترب بطولها الزمني السبعين ساعة تصوير تلفزيوني و لا تقدر بثمن ولا يعوضها شى وقد ضمت مشاريع افلام مؤجلة كنت انوى اكمالها في المستقبل وكانت موضوعاتها عن اسماء هامة ذات اسهام في حياتنا، ومن ضمنها فيلم عن محمد احمد محجوب وفيلم عن جادالله جبارة واخر عن كمال محمد ابراهيم وتصوير لساعات طويلة من الدكتور عبد الحليم محمد تحدث لنا فيه عن دقائق علاقته بمحجوب وكتابهما الاشهر (موت دنيا) وظروف تأليفه وحياتهما معا بالهاشماب ببيت والد عبد الحليم وخال محجوب في ذات الوقت. سمعت ان حهاز الامن هو الذي اخذ المواد وحلمت بان تتغير الاوضاع ويصبح طلب استعادة المواد امرا ممكنا بامر الثورة والتغيير ولكن احتفظ الجهاز بشخصيته وخدع بتحوله الى جهاز لجمع المعلومات وها ذا هو حاليا يعمل على استعادة الانقاذ مع المنقلبين والمنقلبات وما بينهم. وداعا التشكيلية البريطانية غيرزلدا وسوف يظل حبك ووفائك للبروفيسور عبد الله الطيب طيبا وخالدا في ذاكرة السودانيين كأبلغ ما تكون علاقات الارتباط غير المتاثرة بمصدر الزوجين الجغرافي والثقافي.