الشباب الذين يهزّون الشوارع بالهتاف يتفاءلون بوطن جميل يصنعونه بجسارتهم، وبسواعدهم ، ويفدونه بأرواحهم. ينادون ضمير الأمة، ينشدون الأمل ، ويرسمون خطى المستقبل الذي يودون . لا أحد منهم يدعو على الوطن، ولا يعدونه بالويل والثبور .
لكن الذي نفسه بدون جمالٍ لا يرى في الوجود شيئا جميلا . فتجده يتوعد بالشر ويدعو به ، ويقول إما أنا أو الدمار . لماذا يقول الحاكم : إن شاء الله تمطر حصو ؟ هذه فكرة تدميرية يمكن إجمالها في فكرة : عليّ وعلى أعدائي . وهناك في التاريخ حاكم ، لم يسلم من الذم ، لكنه وصف الجمال بمطر اللؤلؤ . فقال قولته المشهورة : وأمطرت لؤلؤا من نرجسٍ ، فحوّل الحزن والدموع إلى مطرٍ كأنه حبات اللؤلؤ ، ويذهب في وصف الجمال وحالة التفاؤل : فسقت وردا ، وعضّت على العناب بالبرد .
والشوارع تهتف : حنبنيهو ، ويغني منشدنا : حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي . والحاكم صاحب (مطر الحصو) يسأل الله العذاب، وإنه لعذاب عظيم ( مطر الحصو ) . ويردد أقواله السالبة ويوزعها في كل الأنحاء ، ولا يهتم بأية نتائج ، وكما يقول البعض : زي ما تجي تجي .
لا نريد وطناً دمّره ( الحصو ) ، ولا نريد للوطن غير الجمال والإشراق والنماء . ولن نتعامل مع الوطن بلا مبالاة ، فنقول له : فلتمطر حصو . نريد وطنا جميلا رائعا روعة هذا الجيل الذي لا يملّ الثورة ، ولا يرضى بنصف ثورة ، نريد وطنا نخلص له فيضمنا بين جنباته ونذرف الدموع على سنوات أضاعها العدا ، لكنها دموع اللؤلؤ ، التي تنطلق من النرجس ، فتسقي الورد ، ويتحول الوطن كله إلى حقل للورود . والله نسأله أن يدمّر كل من يتعامل مع الوطن بروح العداء أو باللامبالاة ،