ماذا كان رد رئيس القضاء المكلّف على مذكرة مجموعة المحامين التي ناشدته باسم القانون وضمير العدالة بتفعيل سلطاته المقررة بموجب قانون الإجراءات الجنائية لحماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين…؟!
(لا بد من رد) سلباً أو إيجاباً…لأن هناك مذكرة معلومة من حقوقيين يعملون في إطار أجهزة العدالة بل يمثلون ما يُعرف بـ(القضاء الواقف) فهل يمكن ألا تكون هناك (استجابة ما) رداً على الوقائع الخطيرة التي أوردوها في مذكرتهم والتي يمكن إن تهدم أساس العدالة من القواعد..!
لا مجال غير الرد على ما خاطب به المحامون رئيس القضاء بوقائع قائمة على الشواهد وعلى (التسبيب المهني) وبمنطق القانون وصلاحيات جهاز القضاء…ورئيس القضاء يقف على قمة هرم الجهاز القضائي وهو المعني الأول بإنفاذ القانون وحماية الحقوق..وهو في موقع لا يمكن معه (التغاضي والإشاحة) عن الانتهاكات واستباحة الدماء.. وبهذا المعني فإن أي شخص يحتل موقع رئاسة القضاء لا ينبغي له ولا يُنتظر منه أن يكون له (شغلانية) غير حماية سيادة القانون وإنفاذه على الكبير والصغير وحماية أرواح الناس وحقوقهم العامة والسياسية والمدنية والجنائية.. وهذه من البديهيات..! فرئيس القضاء هو حارس العدالة وليس موظفاً لدى الانقلاب..! ولا هو رئيس دائرة من دوائر الضلال في حزب المؤتمر الوطني المقبور.. ولسنا في حاجة لتذكير أحد بأن القضاة ينبغي أن يعملوا وفق القانون والضمير المهني وما يستقر في أفئدتهم من عدالة الأحكام وشِرعة الإنصاف عند نظر القضايا وقياس الحيثيات بموازين الذهب وبيض النمل..!!
لقد أبانت مذكرة المحامين لرئيس القضاء عما وصفته “بالانتهاكات البشعة التي طالت المواطنين منذ انقلاب 25 أكتوبر عن طريق السلطات الأمنية للانقلابيين؛ وبينها الحبس والاعتقال خارج نطاق القانون وتقاعس الأجهزة العدلية عن القيام بواجبها واستخدامها أداة طيّعة في أيدي الانقلابيين” ولفتت المذكرة النظر إلى تدخّل رئاسة الولاية في الإجراءات الخاصة بتنفيذ الاعتقالات ضد المحتجين السلميين، وطالبت بإلغاء قانون الطوارئ وما تمارسه السلطات الانقلابية ضد المعتقلين، ودعت رئيس القضاء إلى إصدار منشور ينظّم الدور القضائي ويضمن حقوق المتهم في المحاكمة، ووقف التداخل المريع لوكلاء النيابة في مهام القضاة وفوضي مد فترات الاعتقال بلا حيثيات موجبة، وحثت المذكرة رئيس القضاء لتوجيه القضاة المختصين بضرورة تفتيش الحراسات بصورة دورية (حتى يمنعوا ما يحدث من أهوال) وللتأكد من سلامة الإجراءات..فمن العار – كما ألمحت المذكرة – أن تشهد البلاد بعد الثورة الباسلة التي أسقطت حكم القهر والفساد والقتلة وبعد نداءات الحرية والسلام والعدالة ودولة القانون أسوأ ما يمكن توقعه من تعديات وقمع وسفك دماء واعتقالات جزافية وتعذيب مع استمرار ملاحقة وحبس المحتجين السلميين والصحفيين والناشطين والنقابيين والشباب والنساء والأطفال وضربهم ونهبهم بواسطة قوات مشتركة تملك حصانة كاملة ضد المساءلة القانونية..!!
هذه هي السمات البارزة لأوضاع الحريات في بلادنا بعد الانقلاب.. بل إن الأمر أكثر فظاعة من ذلك.. فما رأي رئيس القضاء..!
أيها المحامون الشرفاء: هل رد عليكم رئيس القضاء أم أن الأمور تسير على وتيرة الصهينة (لا قدّر الله) في أحوال لا تجوز فيها الصهينة…أو كما قال الشاعر احمد شوقي عن وطنه (كل شيء فيه يُنسى بعد حين)..!..بالله عليكم ماذا يجري في مملكة الدنمارك..؟!!
murtadamore@yahoo.com