نحو ثلاثين عاماً أو تزيد، وأنت تقاوم مركزية الدولة المستبدة بالسلاح، تخوض حرباً ضروساً، لاهوادة فيها ضدها، وتصف نفسك بالمناضل والثائر.
خلال تلك العقود من الموت والدمار، لم تستطع ومن معك إطاحة أو إسقاط اي من حكومتي الصادق المهدي والبشير، واضطررتم إلى توقيع اتفاقية سلام “نيفاشا” مع الأخيرة، فذهب الجنوب بموجبها دولة مستقلة، فيما استفرد بك “الكيزان المساخيط”، وهزموك هزيمة نكراء، غادرت إثرها الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق التي كنت حاكما عليها، فعدت إلى التمرد مرة أخرى، لكن دون جدوى.. عدت إليه ضعيفاً ومهزوماً، فتفككت حركتك فسطاطين، وكنت الأضعف فيهما، ولولا الثورة الظافرة لكنت تحللت ذاتياً، وذبت كفص ملح في بحر الكيزان والجنجويد المتلاطم.
لولا هؤلاء الثوار، صغار السن، الذين وصفتهم، من أجل البقاء على مقعد متهالك في مجلس سيادي انقلابي، بالإرهابيين الذين يشنون حرباً ضد الدولة ، بما يعني تواطئك في قتلهم، أو على الأقل تحريضك على ذلك، لما التأمت اتفاقية جوبا التي جاءت بك، يا مالك أقار، عضواً غير فاعل في المجلس الانقلابي.
لقد وضعت نفسك، منذ تأييدك ودعمك لانقلاب ٢٥ أكتوبر، في تضاد وعداء مع الثورة والثوار، لكن بتصريحك الأرعن هذا تكون قد اجترحت موقفاً أخلاقياً شديد الرداءة والرثاثة، لن يسمح لك بترميم موقفك السياسي الراهن، مستقبلاً، فحسب، بل يطيح بكل تاريخك السياسي الدموي كأمير حرب، كان على الأقل يحظى بتأيبد فئة قليلة ما تزال تلتمس في روحك شعاعاً من بداياتك الثورية النضرة والنضيدة..
لقد سقطت ورب الكعبة يارجل…
وها أنا، أسمع بوضوح دوى ارتطام كتلتك الهائلة بسبخ الأرض الثورية الطاهرة، فأسد أذنيّ حذر أن يصمهما صدى الخيانات العظيمة.