مثلما جدد حديث الأستاذ محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة السابق خلال برنامج المسائية بقناة الجزيرة التفاؤل في نفوس الكثيرين من المواطنين الذين ينشدون التغيير وايقظت تصريحاته أحلاماً أصابها النصب و النعاس من الذين خيم عليهم الاحباط واليأس بعد ان عاشوا شهوراً مظلمة غابت فيها شمس الحرية بسبب سُحب الانقلاب الغاشم ، وزاد محمد الفكي نيران الحماس جمراً عند القوى الثورية عندما قطع عدم مشاركة قحت للحكم مع العسكريين بعد ان غضب الشارع من جلوس قحت معهم في اجتماع بيت السفير السعودي.
مثل ذلك جدد ود الفكي الرعب والخوف من جديد في قلوب الفلول وعناصر النظام البائد الذين يعانون من صدمة انحناءة العسكر لخيار المدنية وخذلانهم ، وتهميش كل المتسلقين والمتملقين منهم ومن مجموعة الميثاق، التي زرعت المؤامرة وحصدت الخيبة والندامة ، كما أن خطوات المجتمع الدولي الذي يضع اهداف وخيارات الثورة نصب أعينه، حتى ولو بجانب مصالحه فكل القرارات والضغوط الخارجية يساهم الشارع الثوري في صياغتها وصناعتها، وذلك بتوقيعه المستمر وحضوره وصموده في ميادين الحراك، فالشارع وحده هو الذي سيحقق اهداف الثورة بصورة مباشرة وغير مباشرة ، ومن يعتقد غير ذلك نقول له، ماذا حقق الذين عادوا الشارع وحاربوه ؟!، لاشئ.
فبعد ان فشل انقلاب ٢٥ اكتوبر الذي كتب نهاية العسكر وسيكتب نهاية الانقلابات العسكرية في السودان، وجلب الخزي والعار لمؤسسة عسكرية هي في الاساس ملك للشعب السوداني، ماكان للجنة البشير الأمنية الحق ان تمارس ما مارسته بإسمها من جرائم ضد الشعب الأعزل السلمي، لكن ماتبقى فقط هو لملمة العسكر لأطرافهم لمغادرة الساحة السياسية.
وتتضاعف صدمات الفلول بعد ما كشف ود الفكي بأن لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو لديها نسخ لكل الملفات وجميع القضايا والقرارات، وانه وبعد عودة الإسلاميين ، وبقايا النظام البائد من قبل الإنقلابيين ستتم مراجعة قرارات عودتهم وإعادة الأموال المنهوبة ويجب أن تعود لجنة التفكيك إلى عملها وهي لم تتجاوز في عملها خلال الفترة السابقة أكثر من ١٥٪ ولن نسمح للانقلابيين الذهاب بأموال الشعب السوداني لاستخدامها في الانتخابات القادمة).
فمثل هذا الرذاذ الخريفي على ارض المدنية يمكن ان يزهر ويورق جفافها الذي اصابه التصحر بفعل تضاريس الإنقلاب ، في الوقت عينه يقابله طقس حار وغليان وسط القوى المضادة من مجموعة الميثاق فمناوي واردول يعيشان حالة من (الهياج الهستيري) ، ففي كل خطاباتهم لا حديث لهم إلا عن اجتماع المركزي والعسكريين، كما طالب رئيس قوى الحراك الوطني الدكتور التجاني السيسي بمغادرة ممثلي البعثة الأممية (بونيتامس) والاتحاد الأفريقي وايقاد ، البلاد بسبب فقدانهم المصداقية ، إثر تعليق الآلية الثلاثية الحوار الذي انطلق في فندق روتانا بالخرطوم ليوم واحد الاسبوع الماضي وقال السيسي في مؤتمر صحفي لقوى الحراك الوطني إن الآلية فقدت المصداقية وهي غير محايدة وتسعى لإقصاء القوى السياسية وحصر الحوار على قوى الحرية والتغيير التي تمثل أربعة أحزاب سياسية فقط، وطالب السيسي المكون العسكري بالخروج عن الصمت وتوضيح الحقائق للشعب السوداني بعد موافقته على تعليق حوار الآلية وانخراطه في حوار ثنائي مع قوى الحرية.
فالمكون العسكري سيطول صمته ولن يخرج ليبرر ماقام به لأن لا خيار له سوى تسليم السلطة ، وان كل من سانده في انقلابه ( يشرب من البحر ) فالفلول لا يضيرها الخسارة فهي خاسرة منذ سقوطها، وخاسرة عندما راهنت على هزيمة الشارع ولم تنجح، عندما حاربت الثورة وناطحت ارادة الشعب حتى تصدع رأسها، وحاربت الوطن واقتصاده وقهرت المواطن واعيته بظروف معيشية طاحنة، والحركات المسلحة قلنا لهم من قبل لا تكونوا من التابعين، لا تبيعوا الثورة ولا تخونوا العهد ، ولكن أغرتهم الأحلام الكاذبة صدقوا البرهان المدفوع الى الهاوية فسقطوا معه في قاع الفشل والهزيمة، والآن يغلق بابه دونهم.
نحن لا نكتب عن يوم انتصار المدنية على جدر الهزيمة عندكم لاحقاً، نحن سنكتب عن انتصار شعب ووطن كان عصياً على الخذلان والمؤامرة، عن ثورة لم تجعلنا نندب حظنا عندما عقدنا عليها الفأل والعشم ،كانت كل يوم تعلمنا أن القادم أجمل ولا زالت .
طيف أخير
سنبقى على يقين بأن ما نحلم به سيأتي يوماً
الجريدة
حرية، سلام، وعدالة
وغمضُ العين عن شرّ ضلالٌ *** وغضّ الطرف عن جورٍ غباءُ