يقدم هذا الكتاب لأستاذة التاريخ البريطانية ويليو بيريدج سردا تاريخيا مختصرا لجوانب مهمة في تاريخ “الإسلام السياسي” أو “الإسلاموية” التي تُعْرَفُ في الأوساط الأكاديمية والإعلامية والسياسية بأنها توصيف لحركات تغيير سياسية ترى الإسلام نظاما سياسيا للحكم.
وهذا الكتاب – في نظري المتواضع – يقدم في اختصار وشمول عرضا تاريخيا متماسكا لتاريخ طويل يمتد منذ العهود الأولى للإسلام إلى يومنا الحالي، حيث يناقش في أجزائه المختلفة التاريخ السياسي لحركات وفرق وجماعات ما زالت تمارس نشاطها السياسي المدني والعسكري في العالم الإسلامي – ويشمل ذلك السودان بالطبع – ويجلب آراءً مختلفة لكتاب غربيين وعرب، تتفق حينا وتتعارض في أحيان كثيرة. وهذا مما يزيد من قيمة وحيادية الكتاب في كثير من القضايا التي أوردتها المؤلفة. أقول بهذا رغم أني أجد نفسي معترضاً على بعض ما يَحْوِيَه هذا الكتاب من بعض النقاط التي أوردتها المؤلفة، إما لخطأها تاريخيا، أو لعدم دقتها، أو لعدم تصحيحها لبعض ما أورده كتاب آخرون *.
وأحسب أن المؤلفة قد وُفِقَتْ في بدء كتابها بفصل تطرقت فيه إلى ما أسمته “فوضى المصطلحات” في هذا الضرب من الدراسات التاريخية. فبعض المسميات في وسائل الإعلام بأشكاله المختلفة، بل في الدراسات الأكاديمية الرصينة، شديدة التخليط، ويصعب تمييز بعضها عن بعض، وضربت لذلك أمثلة بمصطلحات مثل “الأصولية الإسلامية” و”الإسلام السياسي” والإسلاموية” و”الإصلاحية الإسلامية” و”الإحيائية الإسلامية” و”التشدد الإسلامي أو الإسلاموي” و”السلفية” وغيرها. وربما تجد مؤلفين يتناولون نفس الظاهرة أو الفكرة ويسمونها بأسماء مختلفة. ومحاولة الكاتبة التفريق بين أصول ومعاني ومدلولات تلك المصطلحات الشائعة هي جهد مفيد للقراء، خاصة وأنها ألفت كتابها هذا باعتباره كتاباً دراسياً لطلاب المرحلة الجامعية الأولى وطلاب الماجستير في جامعتها (في نيوكاسل) وربما في جامعات أخرى.
واعتمدت المؤلفة في كتابها هذا على عدد كبير من المراجع (bibliography) المكتوبة باللغة الإنجليزية قمنا بإثباتها في نهاية الكتاب المُترجَم بلغتها الأصلية لفائدة من يرغبون في الاطلاع عليها. واستشهدت في نص كل فصل بعدد كبير من الحواشي (notes) بلغ عددها في المتوسط نحو 80 حاشية في كل فصل، آثرنا – طلبا للاختصار – عدم إيرادها في هذه النسخة المترجمة.
كذلك ضمنت المؤلفة كتابها قائمة طويلة بالمصطلحات العربية والفارسية والأردية الواردة بالكتاب (مثل shirk وsufi و tawali) ولم نوردها في هذه الترجمة لعدم حاجة القارئ العربي لها.
أتقدم بالشكر إلى المؤلفة ولناشر هذا الكتاب Bloomsbury لموافقتهما على ترجمة هذا الكتاب، كما أشكر المؤلفة على حسن تقبلها لبعض التصويبات والاقتراحات التي عرضتها عليها، والتي وعدت بأخذها بعين الاعتبار في الطبعات القادمة من الكتاب. وأشكر كذلك ناشر هذه الترجمة العربية للكتاب (دكتور محمد الصادق جعفر) لقيامه بمراجعة نصوص الكتاب المترجم في نسخه الأولى.
ختاما، أتمنى أن يجد هذا العمل القبول والنقد المتبصر من المتخصصين وعموم القراء … والله ولي التوفيق.
____ _____
*وأذكر هنا أني أدخلت (بين قوسين) في بعض المواطن ما أُعَدَّه تصحيحاً أو استدراكاً لبعض ما ورد بالكتاب من معلومات أو استشهادات.
alibadreldin@hotmail.com