بطنك كرشت!
يعرف التكرش لغة بالامتلاء كما ذكر ذلك الفيروزابادي في القاموس المحيط و ابن منظور في لسان العرب في باب(ك ر ش)’ و عرفت العرب قديما الامتلاء و التكرش و عدته من الحسنات لدي الاناث و السئيات لدي الرجال’ كما ذكر ذلك الاعشى ميمون بن قيس و هو يمدح و يتغزل في هريرة:
ودع هريرة ان الركب مرتحلُ و هل تطيق فراقا ً ايها الرجلُ
كان مشيتها من بيت جارتها مر السحابة لا ريث’ و لا عجل’
قالت هريرة لما جئت زائرها ويلي عليك وويلي منك يا رجل’
و كانوا يطلقون على البدينة الممتلئة 0(خرساء الاساور) و ( نوؤم الضحى) و غيرها من المسميات.
و في السودان عايرت احدى الاخوات شقيقها عن كونه ركن الي الراحة و الدعة ’ حتى اصبح من اصحاب الكروش متقاعسا عن نيل تار القبيلة:
بطنك كرشت جلدك جرح ما في
مما دعاه الي شن الحرب على القبيلة المعادية و هلاكه في تلك الحرب بطعنة قاتلة اخترقت كرشه ذاك’ و ليتسبب الكرش بطريقة غير مباشرة في ان يلقى مصرعه.
معاني و دلالات
و يسود لدى الناس ان المال و الثروة و (الترطيب) من اهم اسباب تمدد البطون’ و كما يعتبرون الراحة و الدعة و الاكل و (السفسفة) من المؤديات اليه حتماً.
و يطلقون عليه ايضا التلاجة و الفريزر.
الا انه احيانا يتم اتهام الناس باكل الرشاوي و اموال المواطنين في (كروشهم) و الاشارة الي فلان او علان انه(ضرب و لهط) الاموال حتى (عمل ليهو كرش)’ و غالبا ما يشير اهل الحاجات و المغلوبون على امرهم و هم يدعون الله ان فلانا اكلهم في(بطنو دي) و هم يشيرون الي الكرش دون ادنى شك او ظن.
اب كرش!
و اجتماعيا يعتبر الكرش من الصفات المميزة للاخرين و السمات البارزة للوصف’ و الذي يؤدي للحرج بان فلان( ما هو ’داك عندو كرش) و ايضا الاستغراب و طول النظر لبطون الاخرين في المناسبات و الاماكن العامة’ و الفاظ اللاستهزاء و السخرية و التهكم ’ مما قد يؤدي احيانا كثيرة الي اشتباكات و ملاسنات قد تتطور لمشاجرات و عراك بالايدي او حتى وقوع الجرائم المختلفة كالاذى البسيط و الشديد و لربما القتل في حالات الاستفزاز الشديد او المتراكم.و بهذا يكون الكرش من اسباب الوفاة في السودان.
تدابير احترازية
من اجل التخلص من الكرش يعمد الكثيرون و الكثيرات الى محاولة اخفائه اولاً ’ و هذا يشمل لبس الملابس الواسعة و الابتعاد عن الشكة و الملابس الضيقة’ و كما ترتدي الشابات و السيدات العبايات الفضفاضة و بكثرة.
بعدها يلجاء البعض الي استخدام الاحزمة و الساونا و ممارسة الرياضة ’ قبل عمل الحمية الغذائية و الزومبا و الالتحاق بمراكز الرشاقة و التي يكون التخلص من الكرش هو هدفها الاسمى.
الكرش يفقر’ و البطن’ بطالٌ
و في سبيل التخلص من الكرش و خوض هذه المعركة’ يتم استنزاف الموارد الاقتصادية من شراء مواد خاصة كاشاي و الاعشاب المزعومة و طلبها من الخارج باسعار عالية’ و كذلك رسوم المعاهد و الاكل الخاص و اجور مصممي الازياء و الترزية و خصوصا عند الاعراس و المناسبات السعيدة و التي تدفع فيها العروس نصف المهر للتخلص من الكرش قبل ان يراه العريس او اهله’ و يجعلها تعيش الليالي في خوف و هلع:
فانك كالليل الذي هوٌ مدركي و ان خلت’ ان المنتاى عنك واسع’
لقد نطقتْ بطلاً علي الاقارع’ كروش قرود تبتغي من تجادع’
و هذه الاموال تكون خصما ً على الميزانية و المرتب و ترهق كاهل الاسرة و تؤدي الي الديون و بيع المقتنيات’ و بذا يكون الكرش من اسباب غلاء الاسعار و التضخم ايضاً.
ما بين الكروش و العروش!
على انه من الملاحظ ان من يؤتيه الله الحكم في بلادنا خاصة و ما جاورها من البلدان عامةً’ غالبا ما يتحول من شخص نحيل’ معتل الصحة’ بارز الضلوع قبل السلطة’ يتحول الي شخص ذو صوت عالي و كرش عريض بعد اسابيع معددودة على اعتلائة سدة الحكم و العرش الموعود’ و ما يلبث الامر ان يمتد الي بطانته الاقربين و ووزراءه الميمونون من المدنيين و العسكريين على حد سواء, لدرجة ان مجلس الوزراء قد يضيق بهم و تجدهم متلاصقين متجاوريين بعد ان تم حشرهم في الكراسي’ و ما ادراك ما الكراسي و العروش ’ في بلاد الكروش’ و الي لقاء,.