اطلعت عبر الاسافير على وثيقة يقال انها للحرية والتغيير المجلس المركزي وانها وثيقة ناتجة عن اللقاء المباشر الذي عقد بين قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي والمجلس العسكري بوساطة أمريكية – سعودية.
الوثيقة من حيث المحتوى جيدة، فهي تؤسس لانهاء الانقلاب وإقامة سلطة مدنية انتقالية بيدها معظم السلطات، ولكنها في نهاية الأمر مجرد وثيقة جيدة، الوثائق الجيدة التي كتبت في تاريخ السودان يمكن أن (تردم) النيل بين بحري وامدرمان. ولكنها مجرد مواثيق الارادة الفعلية لتطبيقها من الطغاة لم تكن موجودة لذلك صارت حبرا على ورق.
المواثيق التي كتبت في عهد الإنقاذ فقط لو رصت اوراقها تباعا فيمكنها ان تلف الكرة الأرضية مرة واكثر، ولكنها لم تفلح في تغيير نظام الإنقاذ، لم تفلح في صناعة التغيير، وذلك لان (النية المبيتة) من قبل الإنقاذ كانت هي توقيع المواثيق ومن ثم الأخلال بها.
الان هذا المجلس العسكري الراهن هو صورة طبق الأصل من الانقاذ، بل أشد سوءا منها، لأنه بلا مشروع فكري ولا فكرة جوهرية ولا هدف، مجرد قادة أسلحة يتحكمون في مصير البلاد والعباد بدوافع السيطرة والافلات من العقاب.
هذه الوثيقة يمكن جدا ان يقبل المجلس العسكري بالتفاوض حولها، فهو يبحث عن شرعية يوفرها له التفاوض، ثم يبدا في التحايل على بنودها حتى يحولها في النهاية الى وثيقة دستورية كالتي انقلب عليها، لينقلب عليها مرة اخرى في المستقبل.
هل فقدنا الثقة في المجلس العسكري؟ لا أظن أن هناك ثائرا عاقلا يملك ذرة واحدة من الثقة في هذا المجلس بعد كل الفرص التي اعطاها له الثوار منذ ١١ أبريل وحتى اليوم، فانقلب عليها واحدة واحدة وقتل واعتقل وعذب ما عذب من الشباب والنساء.
هل فقدنا الثقة في الجيش؟ لا، كمؤسسة ورغم تاريخها المليء بالسيطرة على الحكم ودعم الدكتاتوريات، لا يمكن فقدان الثقة في المؤسسات، فالمؤسسة مهما تجاذبتها نوائب الزمان وغدر القيادة، قادرة على استعادة الدرب الصحيح واختيار الخيار الذي يلبي تطلعات العقل والضمير والمنطق.
هل هذا كفر باي حوار مع المجلس العسكري؟ نعم هو كذلك، هذا المجلس لا أمل في الوصول إلى الديمقراطية والمدنية عبر الشراكة معه، اما ان يتنحى هؤلاء القادة او يسقطوا، لا خيار اخر.
sondy25@gmail.com