بركان فائر تحت السطح يتطلع للانفجار في 30 يونيو. هكذا يتشكل كابوس جديد يقض مضاجع الانقلاب الذي حدث في 25 أكتوبر، بغض النظر عن النتائج الفعلية التي سيؤدي لها الحراك الجديد.
واضح أن بعض العناصر الموالية للنظام نفسه تهدمه من حيث لا تدري، وترمي بالمزيد من الزيت على النار المشتعلة، فعندما يأتي أحد أباطرة المشهد ليقول إن الثوار في الشارع هم “أطفال” مكانهم المدارس وميادين الرياضة، ثم يضيف بأن ما يمارسه هؤلاء (الأطفال) هو إرهاب للدولة .. فإن الرجل يكشف عمق المحنة وتشتت الأفكار الذي يعيشه الانقلاب وأنصاره.
حتى الفريق البرهان الذي ينادي الآن بتقديم تنازلات من كل الأطراف .. ينسى أن التنازل الذي بادر به إبان تأزم علاقاته مع شركائه المدنيين هو الانقلاب عليهم ووضعهم في السجون، وهو سيناريو قابل للتكرار مع كل حليف له، بل ويبادر، البرهان نفسه، إلى انتهاج لغة تتسم بالضبابية المريبة، فيشير تارة إلى وصاية الجيش على الشعب السوداني، وتارة أخرى إلى حرصهم على تسليم السلطة للمدنيين حال حدوث التوافق الذي لا يعلم أحد ما هي معالمه التي يقصدها.
وموقف الانقلاب يزداد حرجا مع استمرار فشله في كل الاتجاهات ومرور الوقت عليه، فحتى من انشقوا عن الحرية والتغيير لن يكون تحالفهم مع الانقلاب سوى تحالف تكتيكي، ففي النهاية ستكون غالبيتهم الساحقة مع الخيار المدني الحتمي، كما أنهم سيقفون مع المحاسبة والقصاص من كل من ارتكب جريمة فض الاعتصام، ومن كل من أزهق أرواح المتظاهرين في الشوارع، وذاك ما يجعل الكابوس حلقات متواصلة من الرعب لأهل الانقلاب.
أما لجان المقاومة، فهي أكبر كوابيس الانقلاب، وهي التي تقود بالفعل الحراك الذي يشهده الشارع ويتم قمعه بالآلاف من طلقات الرصاص والقنابل المسيلة للدموع والحاويات التي تقفل الجسور، وهي تبدو غير مكترثة بكل ما يجري، فقد دفعت دماء شبابها ثمنا لثورتهم السلمية، وظلت مطالبها واضحة هدفها الأعجل الآن هو انسحاب القيادة العسكرية من المسرح السياسي وتمكين الحكم المدني الخالص.
ما سيجري في 30 يونيو من مواكب وفعاليات ثورية معلنة وخفية، سيجعل الأيام التي تسبقه عبئا ثقيلا في صدر الانقلاب وحلفائه، وسيظل الترقب أليما ومفزعا للمتورطين فيه، حتى لو أظهروا عدم اهتمامهم للأمر، وسيكون هذا التاريخ محطة مهمة في معركة تطاولت آمادها، ولا أحد يعرف إلى أين ستنتهي، لكن منطق التاريخ يقول إن النصر الحتمي والنهائي سيكون للجماهير لا لسواهم.