حتى السرقة فيها مستويات علمية، مستوى البكالوريوس، ومستوى الماجستير، ومستوى الدكتوراة. فالنشال مثلا هو مستوى عام، يكسب من الزحام أينما وجد، ولا يتورط في مستويات علمية أخرى كالقفز على المنازل، وهكذا.
والحرامية يتوزعون في عدد من المجالات، فمنهم المتخصصون في الإلكترونيات كاللابتوب والجوالات، وهناك المتخصصون في الكهربائيات مثل موتورات المياه وخلاطات العصائر، مثلما أن هناك أصحاب تخصص في السيارات، بدءا من بطارياتها وإطاراتها الاحتياطية، مرورا بنهب محتوياتها الداخلية، وانتهاء بسرقتها بالكامل فلا تبقى إلا ذكراها في الأذهان!
أحد الأحياء العاصمية، ليس قريبا من قلب الخرطوم، اشتهر بميزة نادرة، وهي توفر شبكة صرف صحي خاصة به. ولكن سكانه لم يهنؤوا بهذه الميزة، فقد ظهر تخصص (المنهولات) الحديدية في الحي، وبدأت أغطية هذه المنهولات في الاختفاء، وأصبحت أماكنها أفخاخا تكسر ظهور من لا يرون تحت أرجلهم، فضلا عن تحولها إلى مرتع للبعوض والذباب والطفح والروائح التي يشمها حتى مصابو كورونا !
الأخبار تقول إن شواهد القبور نفسها لم تسلم من السرقة ما دامت حديدية، بل المصيبة الأكبر أن الأمر امتد حتى لأبواب المنازل، فبحسب مقطع فيديو رائج هذه الأيام، فإن منزلا تعرض لسرقة بابه الحديدي المطل على الشارع بعد أن قام اللصوص بخلعه ونقله دون أن يلحظ أحد ما يفعلون!
والاستثمار في السرقة يخضع كأي استثمار لشروط كي ينجح، فلا معنى لسرقة شيء إن كان يصعب تسويقه، ولذلك فإن جميع السرقات المنتشرة حاليا تجد أسواقا متعطشة لتصريفها. فمتخصصو الموتورات يبيعون موتوراتهم المسروقة لتجار يعملون في المجال، ومتخصصو المنهولات وشواهد القبور يبيعون غنيمتهم لتجار الخردة، أما متخصصو الأبواب ـ باعتباره أحدث التخصصات – فسوقهم يتسع ليشمل تجار الخردة وصانعي الأبواب، والسماسرة، وحتى النقاشين!
لن أحدثكم عن اللصوص من حملة الدكتوراة في مجالاتهم، فهؤلاء عطوفون ولا يزاحمون صغار اللصوص في أرزاقهم، بل يوجهون أنظارهم فقط صوب الغنائم الكبرى .. ويا لها من غنائم!
تعرفونهم بالطبع !
الله المستعان.