تعليقا علي الاحداث الحرجة الجارية حاليا بين السودان واثيوبيا ارجو الإشارة الي الاتي :
*منذ فترة ،قبل أعياد الفطر هنا في إثيوبيا ،وبسبب مشاكل مقلقة بين عناصر امهرا مسيحيين قتلوا اكثر من خمسين من الامهرا المسلمين مما اجبر الرئيس الإثيوبي لشن حملات اعتقالات ومطاردة لمليشيات الامهرا وهو امر مازال مستمرا حتي اليوم . علما بأن الامهرا وخاصة مليشياتهم الخارجة عن القانون ( الجونتا) هم سبب الاضطرابات بين السودان واثيوبيا ..بل وحتي داخل اثيوبيا بسبب اطماعهم في اراضي الفشقة) ..
*هذا الأمر له انعكاساته علي العلاقات السودانية الإثيوبية وكما هو معلوم فإن الامهرا كانوا هم الأكثر حكما لاثيوبيا عبر تاريخها الحديث .. وهم يرون أنفسهم الاعلي شأنا بين الاثيوبيين بسبب ذلك وهذا يفسر تعنتهم المستمر ازاء،الأوضاع الداخلية والخارجية .. وكمثال تعنتهم في ادعاء،ملكية الفشقات رغم تصريحات رؤساء، سابقين بتبعية الارض للسودان من خلال البرلمان ( ملس زناوي و ديسيلين والان ابي احمد) .
- المؤكد منذ اكثر من شهر ان الرئيس ابي احمد شن حملات واسعة ضد مليشيات الامهرا المتمردة وقتل واعتقل منهم المئات بل ربما الالاف وبعضهم فر الي داخل الحدود السودانية او الي أطراف نائية داخل إثيوبيا.
- ما أردت أن اقوله ان التصريح الاخير للحكومة الإثيوبية هو الاكثر هدوءا بناءا علي ماذكرت واعني بذلك تصريح إثيوبيا بأن عناصر من الجيش السوداني ربما طاردت بعض مليشيات الامهرا بسبب محاولات توغلها الي الاراضي،السودانية هربا من حملة ابي احمد ضدهم.. الا ان إثيوبيا لم تؤكد مقتل جنود سودانيين رغم أنها أبدت اسفها للأحداث.
- ما أستطيع أن اقوله ان الصور التي عرضها الجيش السوداني كقتلي من الجيش،السوداني هي ليست لعسكريين سودانيين بل هي علي الارجح لقتلي من الاثيوبيين أنفسهم( اما من معارضة التقراي او من من مليشيات الامهرا) .. هم قصار القامة وطريقة لبسهم وملابسهم لا تتفق مع نمط وثقافة لبس أفراد جيشنا ..علاوة علي قصر القامة الذي يتميز به الجبليون high landers .
- ان المواطنين الوقوف في الصورة التي عرضها الجيش السوداني او التي رشحت من قبل اعلامه لربطها بالحادث، هي لمواطنين إثيوبيين بدلالة لبسهم واحذيتهم المتماثلة وقصر القامة ( ليس لأية امرأة منهم ثوبا واحدا !!) الأمر الذي ربما يؤكد الاتي:
..ان الحدث تم داخل إثيوبيا وعليه حتي لوسلمنا جدلا بأن القتلي سودانيين فإن الحدث يضع القتلي في خانة (المعتدي) .. مما يقدح في فحوي بيان الناطق باسم القوات المسلحة السودانية .
.. ثانيا ، لو أن القتلي لمليشيات إثيوبية فإن الأمر يرجح صحة البيان الرسمي الإثيوبي بانهم طاردوا عناصر مليشيا خارج عن القانون وربما عبرت بعض عناصر المطاردة الحدود الدولية .. لكن يفترض ان تكون هذه الفرضية ، لو صحت، مصدر اطمئنان للسودان وليس العكس .
ما أعلمه، مؤكدا ، ان هناك حملة شعواء يقودها ابي احمد بنفسه ضد مليشيات الامهرا وبشكل مكثف .. وهذا يصب في مصلحة السودان فيما يتعلق بقضية الفشقة لا العكس !!!
من جانب اخر فإن العلاقات بين الأطراف الدولية في مثل هذه الأحداث تتم ، ابتداءا ، عبر القنوات الدبلوماسية وتتدرج للتعرف علي مالاتها الحقيقية ولا تقفز مباشرة الي البيانات العسكرية .. الا اذا كان لها اهداف مزدوجة خاصة وان الجوار السوداني – الإثيوبي له فرضيات ومسلمات ومتغيرات وتعقيدات تقتضي الكثير من الحكمة لانه ورغم كل ذلك فإن علاقات البلدين تتسم تاريخيا بالحميمية و بحتمية حسن الجوار و تبادل المصالح المشتركة ..
وبنفس القدر؟ فإن هناك أطرافاً اقليمية ودولية عديدة تريد أن تعبث بتلك العلاقات او ان تسخر متغيراتها لمصالحها الذاتية .
*الفريق الركن مجذوب رحمة البدوي
الخبير بالنزاعات الحودية والصراعات القبلية والاثينية في دول الايقاد.