خاطب الفريق ركن عبد الله البشير أحمد الورشة المنهجية لأكاديمية نميري العسكرية الأسبوع الماضي حول خطاب الكراهية بقوله ( أي منتسب للجيش يشتم فيه رائحة مؤكدة بأنه ينتمي إلي حزب سياسي سيكون خارج القوات المسلحة).
سيطول الحديث وفق ذلك الافتراض الرخو الذي أطلقه الفريق ركن بأن القوات المسلحة السودانية مؤسسة قومية ، وبأنها كالماء الذي يجوز منه الوضؤ دون طعم أو لون أو رائحة ،وكيف بلغ عدم المسؤولية بشخص يتسنم تلك الرتبة الرفيعة أن يلغي بالكلام علي عواهنه ليدافع عن هذه المؤسسة العسكرية التي أصبحت علي مدي ثلاثون عاما أو يزيد وكرا خالصا وحاضنة دافئة للحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني ،وأكاد أجزم أن هذا الفريق وأكتافه المرصعة بالنجوم والرتب لم يكن موجودا علي المنصة لولا ولاءه وعضويته في تنظيمات الحركة الاسلامية وشعبها المختلفة منذ سني الدراسة الباكرة وأصبح من (الفرقة الناجية ) التي لا يطالها سيف العزل والصالح العام والأكاديميون الذين أختارهم لمخاطبة هذه الورشة وعلي سبيل المثال لا الحصر كان يتقدمهم التيجاني السيسي الذي جاء منافحا ضد خطاب العنصرية وهو ربيب ذلك النظام الشمولي وحزبه المقبور ، وهو الذي نادي قبل أعوام أثناء الدعوة لانتخابات 2020 بأن طالب أن يصبح البشير رئيسا مدي الحياة .
يحدثنا الفريق عن حيدة القوات المسلحة ولا زالت ذات القاعات العسكرية تردد صدي تلك الأناشيد الجهادية وقبل أسابيع لضباط رتب عليا وهو في مقدمتهم ينشدون (ما لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء فليعد للدين مجده أو ترق كل الدماء) .كان ذلك مبايعة صريحة لجيش مؤدلج ينشد قادته الأناشيد الجهادية السياسية أمام قيادتهم الروحية كأي حركات متطرفة ،مثل داعش وما شابهها .
إي كراهية وأي خطاب لها تسعي لتجنب البلاد مآلاته، وأنت دون شك بلغت هذه الرتبة بعد حروب جهادية خضتها حتي أودت في النهاية إلي إنشطار هذه البلاد إلي نصفين.
لقد حملتم خطاب الكراهية في هذا الوطن وهذا الجيش المؤدلج وانت أحد الشهود الفاعلين علي فصل آلاف الكفاءات الوطنية لا لشئ الا لأنهم كانوا غدوة والتزاما بمهنية وإستقلالية القوات المسلحة بعد أن أصبحت بوتقة للحركات الاسلامية وتجاوز نشاطها حدود الوطن إلي القارات الست.
يا لهذه الجرأة والخطاب التضليلي بأنك لا تشتم الان حزبية هذه المؤسسة وسقوطها في حاضنة الإسلاميين منذ إنقلابكم المشؤوم في العام 1989 علي الديمقراطية .
وحينما أشهر الشعب قراره بضرورة هيكلة القوات المسلحة وقوميتها كان ذلك الانقلاب علي الفترة الانتقالية وأهدافها في أكتوبر 2021 لم يفتح الله عليك ولا علي رفاقك بكلمة واحدة أو الوقوف أمام قائد الانقلاب والمناداة بضرورة أن تنأى القوات المسلحة عن العمل السياسي ، وكيف تفسر أنكم الان تصطادون شباب المقاومة في طرقات المدن لا لشئ سوي ذلك الهتاف الذي يثير الذعر في العسكر المؤدلجين وأصحاب الامتيازات المالية في المؤسسات الاقتصادية العسكرية التي تعملون لحراستها وليس حدود البلاد وأمنها (العسكر للثكنات) .
كانت رائحة (الثوم ) السياسي هو الذي يضمخ أجواء هذه القاعة العسكرية التي إتخذتها مسرحا لتلك الترهات، وأنت تنكر أن هذا الجيش وبوضعه الراهن هو مؤسسة غير حزبية .
ولماذا تقاومون وبلا هوادة هيكلة القوات المسلحة السودانية ؟ لماذا تثقب حبيبات الخرطوش أفئدة الشباب كلما هتفوا (الجيش جيش السودان الجيش ما جيش برهان)؟ .
فاذا كان نائب رئيس هيئة الاركان وهو يطلق هذه المزحة الثقيلة دون أن يشتم رائحة للحزب السياسي في ذلك الجيش ،فهو قطعا مصاب بالزكام الحاد أو تلك المتلازمة الهندية لم أر لم أسمع لم أتكلم .