حكى ليف تولستوي الروائي و الحكيم الروسي قصة منقولة عن الأدب الشرقي في كتابه “إعترافات تولستوي”: أن رجلاً كان يطارده وحش شرس بري، فلجأ الرجل إلى بئر لا ماء فيها، لينقذ نفسه من شر الوحش! و لكنه لسوء حظه لم يدخل البئر،حتى رأى في قعرها تنيناً فاغراً فمه ليبتلعه،فأخذ الرعب بمجامع قلب الرجل المسكين، و لكنه لم يجرؤ على الخروج من البئر خوفاً من الوحش، و لا على النزول إلى قعر البئر خوفاً من التنين، ولذلك عمد إلى غصن شجرة كانت نابتة في شق من شقوق البئر ، و لكن التعب أخذ من ذراعيه مأخذه فأدرك أنه هالك لامحالة، لأن الموت كان ينتظره في الأمرين جميعاً، و لكنه ظل متعلقاً بالغصن، و فيما هو ينظر إلى جذع الشجرة التي كان متعلقاً بها رأى جرذين:واحد أبيض و الثاني أسود يدوران حول جذع الشجرة، و هما يقرضانه بهمة و نشاط، رأى الرجل كل هذا و أدرك أن الشجرة ستسقط قريباً ،فيقع هو في فم التنين الذي كان ينتظره بفارغ الصبر.و لكنه نظر في الوقت نفسه بضع نقط من العسل على أوراق الشجرة فمد لسانه و شرع يلحسها متناسياً شقاءه كله.
يمثل البرهان في هذه القصة الرجل الذي يعاجله أجله” في السلطة” فيمد يده طالباً للأجل أن يمهله قليلاً، القمع والوحشية التي كانت بالامس من القوات الشرطية والامنية تجاه المتظاهرين تؤكد أن من قام بتعبئة هولاء الجنود كان في حالة خوف وارتباك وذعر من التظاهرات والتغيير الذي يمكن ان ينجم عنها،كان يعرف أنه ذاهب و أيامه معدودات لكنه يريد أن يتزود من عسل السلطة ما يعينه على أيامه خارجها.
الفيديو المؤسف الذي يوثق لحظة مقتل الشهيد علي زكريا في شارع الستين يؤكد أن التعبئة التي تتم للجنود ضد المتظاهرين مبالغ فيها
الفطرة السليمة تقتضي أن ينحني افراد الشرطة على المصاب وقتها للتاكد من حالته وإسعافه بدلا من ركله بالشلوت ثم النأي بانفسهم من جواره خوفا من التهمة والملاحقة ..كل ذلك بسبب الشحن والتعبئة الخاطئة للجنود من قبل القادة
يجب ان نسمع من الشرطة تعليق حول الفيديو المؤسف
الحقيقة ان ما حدث بالامس في مواكب ٣٠ يونيو كان بمثابة نهاية العلاقة بين الانقلابيين وجماهير وثوار ثورة ديسمبر وإلى الابد.
الارتباك والخوف وفقدان البوصلة دفع البرهان ومناصريه إلى استخدام قمع وحشي ضد الجماهير والحشود السلمية
فعليا البرهان وقومه وضعوا ارجلهم في سكة البشير الاخيرة وأولى خطواتها أن تظن أنك قادر على هزيمة الجماهير بالسلاح والقوة والعنف .
البرهان يظن انه هزم الثوار بمنعهم من الوصول إلى القصر في ٣٠ يونيو بعد ان اغلق الجسور بالحاويات والطرق بالمدرعات وقطع الانترنت والمكالمات.
البرهان وجبريل والتوم هجو وأردول وبرطم ظنوا أنهم كسروا الثوار ولجان المقاومة والقوى السياسية باستخدام العنف المفرط ضد السلميين وبذلك ستكون كراسي السلطة باردة ووثيرة ومريحة.
البشير كان ظنه مثل ظن البرهان اليوم وخاب وهو الان حبيس في كوبر.
البشير وعلي عثمان ونافع وغندور وأمين حسن عمر كان ظنهم مثل ظن نظائرهم اليوم جبريل والتوم هجو وأردول وبرطم وخاب ظنهم وحالهم اليوم معلوم.
بالامس قطع البرهان شعرة معاوية التي كانت بينه وجماهير الثورة.
بالامس تبدلت موازين القوة بما لايدع مجالا للشك لصالح الجماهير ولجان المقاومة والقوى السياسية الرافضة للانقلاب بينما وقع الانقلاب في فخ كسر إرادة الشعب بالعنف والرصاص.
على مستشاري البرهان والناصحين له أن يعملوا على تجنيب كل الاطراف الخسائر وأولهم هذا البلد وشبابه وأن ينصحوه بان سكة العنف سلكها إخوة له من قبل وكان نهايتها “السقوط “. و أنه قد آن للبرهان أن يعد أيامه في السلطة،ثم يعمل لأيامه خارجها، قبل أن تفلت يده جذع الشجرة و يسقط في فك التنين المفترس!