لا أستعمل سماعة الرأس وأنا غارق في محتوى (الموبايل)، فهي تعكنن مزاجي، فهل هناك أكثر عكننة للمزاج من شيء يلامس أذنيك أو يفرك أنفك ؟!
لكنني الآن بصدد تغيير هذه العادة، فقد فوجئت اليوم بمباراة تكسير عظام بين اثنين من “مشاهير السوشيال ميديا”، أحدهما يميني شديد اليمينية رغم انجرافاته، والآخر يساري شديد اليسارية رغم شططه. فكانت سجالا في السياسة، ثم تدحرجت كما هي انقلاباتنا وسياساتنا إلى الدرك الأسفل من ثقافة الخيران !
شتائم بالصوت العالي تتوارى منها البذاءة خجلا، ومفردات تجعل الرذائل ندية الجبين، لم يوفر المتشاكسان في تراشقهما الأمهات والبنات والجدات، ولم يتورعا عن القذف بفواحش الكلمات التي تتشكك حتى في “ذكورة” كلا الطرفين!
اعتدنا الاستحياء من مجرد الجدل والرد على من يخالفوننا الرأي، فقناعتنا أن ما نقول ليس هو الصح المطلق، وما يقوله الآخرون ليس هو الخطأ المطلق، وتعف أقلامنا عن جفاف الرد حتى على من يتجاوزون “فكرة” ما نكتب إلى “شخص” من يكتب، حرصا على مودة نريد بقاءها، ونأيا بالقارئ عن أذى لا نريد تعريضه له.
من الصعب أن نعرف محتوى ما يأتينا في السوشيال ميديا إلا بعد الاطلاع عليه، ولذلك بدأت مراجعة النفور من سماعات الأذن، فعكننة مزاجها أخف وطئا من أن يسمع أهل بيتك والمحيطون بك، من خلال هاتفك، ما ينحدر بقواميسهم إلى الدرك الأسفل من المعرفة.
وحتى وقت الانتقال للسماعة الخارجية، ستكون السماعة الداخلية للموبايل الخاص بي قيد التخفيض .. إلى درجة تحويل الأصوات إلى همس.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.