وارينا الثرى مغرب اليوم بمقابر حلة حمد الفنان الدرامي أديب أحمد مغفورا له بإذن الله وسط مراقد اهله في تلك البقعة الطاهرة المطيبة بانفاس المتصوفة والصالحين تلك الانحاء التي شهدت مولده واولى خطواته في مدارج الحياة وتفتقت فيها مواهبه في التمثيل ولعب في حواريها كرة القدم وشاهد نجوم الذهب في تمرين الاحد في نجيل بلدية بحري … كان تشييعه تجسيدا لروحه الطيبة الخيرة المحبة للجميع وخاصة اهل الاذاعة عشقه المقيم لقد طوف اديب بمواهبه المتعددة في كل الوان الفنون فتخصصه الاساس هو الاخراج والتمثيل وقد عشق الغناء عبر صوت الكابلي وكانت متعة الزملاء في قسم الموسيقى عندما يعزفون لاديب على العود ضنين الوعد وهو يغني ويغني فتستحيل الكافتيريا كلها الى كورال مصاحب وهو يغني ويضحك دون ان يفلت منه الزمن . كان طاقة لاتهدأ من النشاط المتنوع والمدهش تشكيلي .. خطاط .. مصمم ديكور شاعر كاتب اذاعي ومخرج
التحق اديب باذاعة البرنامج الثاني وعملنا معا تحت قيادة المرحوم خطاب حسن أحمد ثم أحمد طه امفريب ثم ذوالنون بشرى فعفاف الصادق حمد النيل وعبر كل هذه الادارات المتعاقبة كان اديب هو عمود البرمجة الفقري اكثرنا همة وابداعا واعظمنا ايمانا برسالة الاذاعة كانت تجربة البرنامج الثاني لاديب هي الاساس الذي صقل معارفه وقدراته في فنون صناعة المحتوي للراديو وعندما توقفت هذه الخدمة انتقل للعمل بالبرنامج العام وقتها كان اذاعيا مكتمل العدة مجودا واحد اسطوات تلك الصناعة الممتعة والمؤلمة . في البرنامج العام راد اديب مجالات اخري منها اخراج الدراما الاذاعية وانتج في هذا الباب عددا مقدرا من المسلسلات والتمثيليات والبرامج الدرامية فضلا عن اخراج المنوعات والخدمات الراتبة التي تسند اليه حسب التكليف . اسلوبه في الاخراج يجمع بين العمق والبساطة مع المام واسع بمحتوى المكتبة الصوتية لاسيما الغناء والموسيقى واختياراته تنم عن ذوق وحس فني رفيع يخلق المخرج اديب داخل الاستوديو سواء في العرض المباشر أو التسجيل جوا حميما من الالفة والمحبة والمرح ويبدا اولا بالفني الذي يسجل او ينفذ على الهواء فهو يعتقد ان نجاح اي عمل اذاعي يتوقف على الحالة النفسية والمزاجية للفني ومعظم الفنيين الذين عملوا معه كانوا اولا بمثابة الاصدقاء له . عملنا معا لربع قرن من الزمان وتعاونا لسنوات وسنوات في انتاج برنامج ( مدارات ) واذا كانت الاذاعة هي عشق اديب الاول فان برنامج مدارات هو روحه التي يحيا بها ويتنفس وحتى عندما بدأ المرض يتسلل الى جسده كان يقول لي وللمخرج الصديق ابوبكر الهادي ( انا ماعايز برنامج مدارات يتوقف ) سكب فقيدنا العزيز اديب في هذا البرنامج خلاصة تجربته الفنية واستطاع ان يؤلف عبره سيمفونية رائعة من الدراما والغناء والموسيقى والسرديات والمواد الثقافية في قالب رشيق وجذاب بوجود كوكبة من المع الاصوات تعمل في فريق متناغم
امتد نشاط اديب خارج اروقة دار الاذاعة الى الحياة الثقافية والمسرحية بمعناها الواسع فهو ممثل في المسرح وفي دراما التلفزيون وحتى السينما على قلة انتاجها شارك ممثلا في فيلم البؤساء لجاد الله جبارة وابنته سارة جاد الله .. اختتم اديب حياته المهنية بالتدريس في جامعة النيلين كلية التربية قسم الدراما بعد ان نال درجة الدكتوراة من جامعة السودان كلية الموسيقى والدراما في اخراج الدراما في الاذاعة والتلفزيون ..
رحم الله الحبيب والصديق الصدوق اديب أحمد وجعل البركة في اسرته الصغيرة والهمنا وكل اصدقائه وزملائه ومحبيه وعارفي فضله الصبر وحسن العزاء ولاحول ولاقوة إلا بالله وانا لله وانا اليه راجعون