وسط تدافع رماح القبائل ، وكراهية الآخر الشريك في تحرير الأرض، يبدو ميلاد اللحظة السعيدة مثل هطول مطرٍ ينعش الأرض، ويروي الأودية بعد صيف طال. وحين يكون جيل الشباب – وهم نصف الحاضر وكل المستقبل – هو من يهدي الإنتصار لشعبه وسط ليل الإحباط ، يكون لهذا الإنتصار لون الحليب وطعم العسل.
عن أبطال فريق كرة السلة لأشقائنا في جمهورية جنوب السودان أكتب هذه الخاطرة القصيرة.
فريق خرج من حيث لا يدري الكثيرون في المحافل الرياضية بقارتنا السمراء. سجّل ثلاثة إنتصارات متتالية في تصفيات أفريقيا لكأس العالم في كرة السلة. ولعلّ أولى المفاجآت أنه ألحق الهزيمة بالفريق التونسي – بطل أفريقيا. تابعت بعض الفيديوهات واللقطات من المباريات التي حقق فيها هذا الفريق انتصاراته المدهشة. كنت كأنِّي اشاهد إحدى مباريات محترفي دوري كرة السلة الأمريكية. رشاقة ومهارة تفوق الوصف.
خمس بطاقات هي نصيب قارتنا السمراء في نهائي كأس العالم لكرة السلة. وكل الأيادي تشير إلى أنّ فريق كرة السلة الشاب لجنوب السودان سينال إحدى هذه البطاقات الخمس ، إن لم يأتِ على رأسِ قائمةِ الفرق الخمْس الممثلةِ لأفريقيا.
تهنئة من القلب لشعب جنوب السودان على هذه الومضة في صيف الإحباط القاسي. وجدتني أتلقّف أخبار هذه الإنتصارات مثلي مثل أي مواطن من ذلك الجزء الذي – وإن تمّ فصله على الخارطة – فهو ما يزال منّا وفينا.
وتهنئة للشباب الذين أهدونا هذا الإنتصار الكبير. أراهن عليكم وبكم يا شباب جنوب السودان ، مثلما أراهن والملايين من أشقائكم في السودان على لجان وشباب المقاومة.. هؤلاء الذين يقودون واحدة من أكبر ثورات العالم اليوم. نراهن عليكم لأنكم نصف الحاضر وكل المستبقبل!
فضيلي جمّاع
لندن