الخرطوم خالية في هذا العيد من قيادات الانقلاب العسكرية، سافر البرهان إلى أهله في نهر النيل، حميدتي إلى مناطق نفوذه الاولى في دارفور، عقار إلى النيل الازرق، وقادة حركات دارفور إلى دارفور، فماذا يعني هذا؟ وإلى ماذا يشير؟
هذا يشير إلى انقسامات او على الاقل عدم رضا بين مكونات الانقلاب، وهذه أوضح صورة على حدوث انقسام فعلي داخل معسكر الانقلاب منذ حدوثه في ٢٥ أكتوبر.
هذا الانقسام كان حتميا لاسباب اولها عدم وجود رابط يربط بين المكونات العسكرية الانقلابية سوى حب السلطة ومرض الهيمنة عليها، فالانقلاب جاء بدون هدف ايدولوجي او مشروع سياسي او برنامج عمل يحكم مساره، لذلك من العسير استمرار انقلاب بهذا الشكل.
ثانيا فشل الانقلاب في اكتساب حاضنة داخلية حقيقية. حاول الانقلابيون خطب ود الاسلاميين عبر استهداف لجنة ازالة التمكين، ولكن الطيف الاوسع داخل الانقلاب كان يعارض عودة الاسلاميين لانها ستفقدهم الداخل والخارج معا.
حتى إذا افترضنا أن الانقلابيين جاءوا بالاسلاميين للسلطة فان الاسلاميين لديهم ( تار بايت ) ضد الانقلابيين حين انحازوا للثورة في ١١ ابريل، لذلك لا يمكن ابدا ان يطمئن الانقلابيون إلى الاسلاميين ويأمنوا مكرهم.
بقية تكتلات اليمين بلا وزن حقيقي ولن تفيد الانقلاب، واليسار الذي يتزعمه الحزب الشيوعي بعيد عن الانقلابيين وبالتالي لا أمل في أن يمثل هؤلاء حاضنة حقيقية للانقلاب.
الوسط بقيادة حزب الامة القومي بعيد عن الانقلابيين، فالامة وقف مع التسوية الماضية ودعم شراكة الوثيقة الدستورية ولم يجد هذا الحزب الكبير سوى الخيانة من الانقلابيين الذين انقلبوا في ليل ٢٥ أكتوبر على سلطة الثورة وغدروا بقيادات الأمة والحرية والتغيير ورموا بهم في السجون، لذلك من العسير أن يقبل هذا الحزب باي حوار مع الانقلابيين اذا لم تسبقه إجراءات تنهي عمليا هذا الانقلاب وتنقل البلاد إلى مربع الحكم المدني
الحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة الميرغني وجوده داخل سلطة الإنقاذ لحين السقوط، افقده كل ادوات الدخول للمعترك السياسي الراهن، فصورة حزب السدنة تلاحق الحزب وقيادته وتحوله إلى حزب غير مرغوب فيه، حزب بدون وزن في الشارع الثوري، وبدون شرعية في الفترة الانتقالية، لذلك لن يمثل هذا الحزب اي وزن للانقلاب اذا انضم اليه.
تبقت كتلة تحالف الموز بقيادة أحزاب صورية وتحالفات ديكورية وظيفتها الأساسية تهيئة الظروف لاستمرار الانقلاب، وهذه الكتلة ستظل كتلة ثانوية اليوم وغدا وإلى قيام الساعة، لأنها كتلة انتهازية، تقودها قيادات بلا وزن ولا فكر ولا برنامج سوى انتهاز الفرص للانقضاض على ولائم السلطة التي تقدم فيها لحوم الجماهير بعد شواءها على نيران الانقلاب.
الانقلاب بلا حاضنة داخلية حقيقية، وبلا فكر ولا مشروع سياسي، وبلا دعم خارجي حقيقي، وهاهي بوادر الانقسام تدب في اوصاله، لذلك فهذا الانقلاب ساقط لا محالة، والشعب منتصر ولو بعد حين.
يوسف السندي
sondy25@gmail.com