▪️ اﻹسلام كمنهج لا يصلح كوسيلة لبلوغ اهداف لا اخلاقية، بل إن استخدامه علي ذلك النحو يجلب الكثير من المشاكل ويقود إلي استشراء الفساد والتردي واﻹساءة إلي اﻹسلام نفسه ، وربما كان ذلك الخطل اﻷساسي الذي صاحب تجربة اﻹسلاميين في الحكم وشكل مرجعيتهم في إدارة الدولة ، وبذات القدر لا يمكن لمن يضمر تجاوز الدين واﻹساءة إليه واستهداف الناس في عقائدهم وتشجيع الفوضي والسلوك الذي يخدش الحياء العام ويصادم تقاليد المجتمع، كما يضمر الشيوعيون ، لايمكن له أن يصل لمبتغاه او يبلغ النجاح مما يجعل تجربة اهل اليسار في إدارة الدولة فاشلة هي اﻷخري.
▪️ فهناك العديد من تجارب الحكم ﻷحزاب اسلامية في بعض الدول ، كما في ماليزيا وتركيا ولكنها تختلف تماما عن تجربة الجبهة الاسلامية القومية السودانية والتي وسعت دوائرها بالتحول إلي الحركة اﻹسلامية حسب ما خطط مفكرها ورئيسها الاول المرحوم دكتور حسن عبدالله الترابي.
▪️وبإجراء مقارنة مختصرة بين تجربة اﻹسلامين في السودان وتجربتهم في ماليزيا وتركيا يظهر بوضوح إن الفارق اﻷساسي والذي اضر بتجربتهم في السودان هو إزدواجية النوايا وخطل إستخدام اﻹسلام لبلوغ اهداف لا اخلاقية ، كما أشارنا آنفا. ولعلنا نكتشف ذلك الخطأ الفادح الذي وقع فيه قادة الحركة اﻹسلامية السودانية بمراجعة طريقتهم المتطرفة والمتعجلة في استعداء اﻵخرين بترويج الشعارات المستفزة وامتناعهم عن إستخدام الشعارات المحفزة والجاذبة ،بل انهم انتهجوا في إدارتهم للشأن الداخلي للدولة اﻵتي :-
- تصفية الحسابات مع خصومهم السياسين في مواقع العمل .
- إعتماد معيار الولاء السياسي بديلا لمعايير الكفاءة وتجاوز نظم وضوابط التاهيل والتدرج الوظيفي.
- إستخدام التسلل إلي اﻷحزاب المنافسة والتأثير علي منسوبيها واحداث صراعات تؤدي الي التشظي حتي اصبح الحزب الواحد مقسما الي عدة احزاب تحمل نفس الاسم .
- إستخدام ما يسمي فقه السترة لصالح الفاسدين من قادتهم ومنسوبيهم وتجاهلهم لحديث المصطفي صل الله عليه وسلم ( لوسرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها).
وهو نفس النهج الذي طبقه الشيوعيون واهل اليسار بعد أن اتيحت لهم الفرصة. وهو نفس السلوك المتشابه فعند الاسلامين ارتفعت الشعارات اﻷخلاقية لحماية افعال لا اخلاقية ، وعند الشيوعين رفعت شعارات العدل والحرية ولكن وبذات القدر لحماية افعال لا تعرف العدل ولا الحرية.
اما إدارة الشأن الخارجي والعلاقات مع العالم فقد ارتكب اﻹسلاميون حماقات غريبة وشعارات بالغة الشذوذ مثل (امريكا روسيا قد دنا عذابها)
وهنا يظهر الشيوعيون واهل اليسار افضل منهم واذكي إذ انهم اعتمدوا اﻹنفتاح علي العالم وتصحيح صورة السودان المشوهة مدخلا اساسيا ﻹصلاح الوضع السياسي واﻹقتصادي للسودان ، ولكن الملاحظ أن اﻹسلامين انتهجوا في سياستهم الخارجية استعداء الخارج بينما اليساريون اعتمدوا اﻹرتماء في احضان الخارج واﻹستجابة الكاملة لما ترغبه الدول الكبري والمنظمات الدولية .
▪️ السؤال المتوقع من قارئ هذه السطور هو التساؤل وبدهشة ومتي حكم الشيوعيون واليسار حتي نقارن بينهم واﻹسلاميين اصحاب تجربة الثلاثين عاما في الحكم؟؟
واﻹجابة المحرجة هي ان الشيوعين في السودان لم يبلغوا مرحلة اﻹنفراد بالحكم او تجاوز إدارة الدولة بالوكالة ولذا تجد بصمتهم الواضحة في اداء الحكومة اﻹنتقالية فهم موجودون في فعلها وإن اظهروا خلافهم واعتراضاتهم عبر بياناتهم المكتوبة وهو نفس تكتيك اﻹسلامين بعد المفاصلة.
▪️ وطيب الذكر حمدوك تعامل بحكمة وروية وأنتهج منهجا يحث علي التضامن والتكاتف ولعل مبادرته الوطنية ذهبت إلي توظيف كل امكانيات اﻷفراد واﻷحزاب والحركات وكل ابناء السودان داخل وخارج الوطن لصالح مشروع قومي نهضوي يصحح الكثير من اﻷخطاء التاريخية ويؤسس لوطن بمواصفات جديدة ،، وهذا هو اﻹتجاه الصحيح الذي يخرج السودان من دوامة صراع اليسار المتطرف و غلو اليمين المتزمت ، ولكن وللأسف الشديد ذهب حمدوك نتيجة لمؤامرات حواضنه السياسية وكيد اهل اليسار العجيب و اليمين المريب.