(مجموعة القبائل الأصلية: 31 مجموعة أصلية تعيش في ولاية النيل الأزرق. نستعرض هنا بعضًا من أكثرها أنفسًا وأكبرها تأثيرًا الآتي): 7/ القُمز القُمز (Gumuz) أو القماز (Gumaz)، جماعة عرقية نيلية موطنها الأصلي الجزء الشمالي من إقليم بني شنقول على الحدود السودانية الإثيوبية. وفقًا لإحصاءات المنظمات العالمية المعنية بدراسة الجماعات الاثنية الاصيلة فأن تعدادهم الكلي يقدر بنحو 250 ألف نسمة، حوالي 160 ألفًا منهم يعيشون في إقليم “بني شنقول – قماز” بغرب أثيوبيا، فيما يعيش نحو 67 ألفًا منهم داخل الحدود السودانية متركزين بكثافة في منطقة فازوقلي وبخاصة قرى “بمبُدي” و”ياردا” و”ألمان” و”يابشر” جنوب مدينة الروصيرص، فيما انتقل كثيرون للعيش والعمل داخل الروصيرص، ومدن أخرى داخل الولاية وخارجها. المقيمون بالسودان يتحدثون “القمز” كلغة أولى، وهي احدى اللغات النيلية الصحراوية، والعربية لغةً ثانيةً، وحظهم من التعليم ضعيف للغياب شبه التام لمؤسسات التعليم والخدمات الحكومية الأخرى.
القُمز، عشائر، لكل عشيرة أرضها وحيزها المكاني الخاص. وكل عشيرة تنتظم في مجموعات قرابية، مكونة من أسر نووية. الخلافات بين العشائر شائعة ويتم حلها عادة عن طريق مؤسسة لحل النزاعات تسمى mangema أو michu حسب المنطقة. قُمز السودان في غالبهم مسلمون مع قلة مسيحيين، وهم يمارسون تدينهم الإسلامي والمسيحي في تداخل وانسجام وعدم تعارض مع معتقداتهم التقليدية. فهم روحانيون (إحيائيون)، يومنون بروح يطلقون عليها “موسى”، تسكن المنازل ومخازن الحبوب والحقول والأشجار والجبال والمطر. والتعامل مع هذه الروح يتم عبر وسيط روحي “كجور” (gafea). وهم في عقيدتهم موحدون يؤمن بوجود رب واحد خالق عليم بكل شيء يسمونه “ربة” (Rebba). يزينون وجوههم وأجسادهم بشلوخ واوشام وخدوش، للتعوذ من الأرواح الشريرة، وللوقاية من أضرار السحر، كما أنها تتضمن أبعادًا جمالية، ولتمييز أبناء العشيرة الواحدة عن العشائر الأخرى. والقُمز قوم مزارعون يمارسون الزراعة المتنقلة، وإضافة للبصل والتوابل والقطن والتبغ، فأن محصولهم الرئيس هو الذرة الرفيعة، التي هي غذاءهم الأساس، ويتناولونها بليلةً وعصيدةً (nga) ويشربونها مريسة (kea). وأواني طهوهم فخارية تصنعها النساء. ويحتفظون بمحاصيلهم من الحبوب داخل قباب طينية مخروطية، شبيهة في شكلها بأثداء النساء. ويعيشون أيضًا على جمع العسل والصمغ العربي والتقاط الفواكه البرية والجذور والبذور، ويربون الماعز والأبقار والخنازير، إلى جانب صيد الحيوانات البرية مثل الخنازير التؤلولية وغزلان الدَّيْكَر.
وبحكم وجودهم في الحدود بين دولتين، فهم قوم تجار. تجارتهم في الغالب مع الارومو الاثيوبيين. يبادلون محاصيلهم بالقهوة والقماش والصابون وشفرات الحلاقة والسجائر والمرايا وألواح الملح. ويتجمعون في الأسواق للبيع والشراء وتبادل الأخبار وعقد الاجتماعات والتواصل الاجتماعي والاستماع إلى الأغاني والاستمتاع بالرقصات والشراب. في سن السادسة عشرة، يبدأ الصبي في الزراعة بمفرده، مقسمً جهده ووقته بين حقله وحقول والده. تساعد الفتيات الآباء في حقولهم حتى يتزوجن، بين سن الرابعة عشرة والسابعة عشر. بعد الزواج، يكون الرجل وزوجته مسؤولين عن حقولهم. يتم الزواج عن طريق “تبادل الأخت” من عشيرة إلى أخرى. فالعريس يمنح عشيرة زوجته أختًا أو ابنة من عشيرته “لتحل محل” المرأة التي تزوجها. ترتدي نساءهم الأقراط المعدنية الكبيرة من الألمنيوم وعقود الخرز. ونساء الجيل الأقدم يثقبون أنوفهم ويضعون عليها اقراط وحلقات وحلى معدنية. لديهم محرمات صارمة ذات علاقة بالطعام، فهم على اعتقاد جازم أبن شراب النساء للبن الحليب يؤدي لتساقط شعرهن واصابتهن بالصلع، وإن المرأة التي تتذوق الطعام أثناء إعداده تؤدي إلى اصابة الزوج بأمراض قاتلة، والرجال لا يأكلون النباتات الورقية الخضراء مثل الملفوف، فهي مصدر العجز والخمول (استدعيت هنا قصيدة حليل موسى يا حليل موسى ما بياكل الملاح اخدر). وعصيدة الذرة هي طعامهم الرئيس، مثل الكثير من قبائل السودان، وهم يتناولونها مع ادام مصنوع من أوراق النباتات والبصل والشطة والتوابل. ويتناولون وجبات خفيفة طوال اليوم من بذور القرع والفول السوداني والفواكه والعسل البري وبعض الحشرات. يشربون القهوة والمريسة. والتدخين شائع بين الرجال والنساء. يستقبح مجتمع القمز بشدة السكر والكسل والكذب والتبطل والسرقة وإساءة معاملة الزوجة. العشيرة بأكملها تعاقب من يتهمون بتلك الأفعال.
إضافات توضيحية: • خنازير تؤلولية (الاسم العلمي: Phacochoerus) هو جنس من الخنازير البرية وهو عائلة الخنزيريات، تتواجد بشكل كبير في جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا. • الدَّيْكَر (الاسم العلمي: Cephalophinae) (بالهولندية: Duiker) أسرة من الظباء الأفريقية الصغيرة، وهي متخصصة بدرجة عالية ويمكن التعرف عليها بسهولة، اسمها مأخوذ من الكلمة الهولندية التي تعني «الغواص» وتشير إلى ممارستها الغوص داخل الشجيرات. متوطنة في جنوب الصحراء الكبرى. • قباب تخزين الحبوب الطينية: غرف تخزين مصنوعة من الطين والقش مقببة الشكل. تعود بجذورها للحضارة الفرعونية. والمؤكد أن قدماء المصريين استخدموها لحفظ فائض انتاج سنوات الوفرة تحسبًا لسنوات الجفاف والندرة. والراجح أنها ذات الصوامع التي استخدمت في عهد سيدنا يوسف، لتجاوز السنوات السبع العجاف. • الإحيائية: تعني الروح أو الحياة؛ ومعتنقو الاحيائية يؤمنون بأنّ الروح موجودة في كلّ عناصر الوجود، وتتصل بكلّ مظاهره، سواء كانت بشراً أو نباتاً أو حيوانات أو ظواهر طبيعية وجغرافية، والإحيائية تتعامل مع الأشياء الطبيعية ككائنات حية ذوات نفوس.