ما فتئ قائد الطغمة الانقلابية يتحدث عن عدم مشاركة حزب المؤتمر اللاوطني (المنحل) في المشهد السياسي خلال الفترة الانتقالية، إلا انه يأتمر بأمره ويعمل في العلن والخفاء على توفير كامل الحماية والظروف لقادته وعضويته للعودة من الخارج وممارسة النشاط السياسي والتحرك بعلانية وحبك المؤامرات والتآمر على الثورة واثارة النعرات العنصرية والقبلية ونشر الفتن والقلاقل وسفك الدماء ولو أدى ذلك لتمزيق البلاد وابادة شعبها وانهائها من الوجود، وارتكاب افظع الجرائم التي تتناسب مع صفاتهم المعروفة بأنهم قوم بلا أخلاق ولا وطنية ولا انتماء الا لمطامعهم! صحيح انه لم يكن ليصل الى ما وصل اليه من منصب عسكري رفيع في العهد البائد لو لم يكن خادما مطيعا لهم، يلبي رغباتهم وينفذ أوامرهم، ولكن هل يرغمه ذلك لاستمرار ولائه لهم بعد سقوطهم لدرجة انه لم يتردد لحظة في طاعتهم عندما أصدروا إليه الاوامر بالانقلاب على الثورة وايقاف مسيرة الانتقال المدني الديمقراطي، فخان العهد وطعن الشعب السوداني من الخلف وانقلب عليه، وفضل السقوط في الحضيض على التطهر من ماضيه المظلم ودخول قلوب الناس؟!
ولم يقتصر الامر على الانقلاب فقط، ولكنه ظل يمارس قتل وقمع المتظاهرين السلميين بكل وحشية تحسدها عليه الوحوش الكاسرة ويسفك دماء الابرياء بكل شبق وشهوة تنفيذا لأوامرهم سادته كأنهم يبتزونه يشئ ما، ويرغمونه على ارتكاب تلك الجرائم الوحشية رغم كل الانتقادات والاتهامات التي طالته والحضيض الذي يهبط فيه الى أسفل كل يوم، أو كأنه يعاني من (عقدة ما) أو شهوانية تدفعه للقتل وسفك الدماء مثل عتاة المجرمين المتسلسلين الذين نسمع ونقرأ عنهم في الصحف ونشرات الاخبار !
كما ظل يعمل بعناد كبير على إلغاء كل القرارات التي صدرت ضد مجرمي النظام البائد، خاصة فيما يتعلق بالفساد ونهب المال العام واكتناز الثروات وتملك الاراضي والأطيان والمزارع والارصدة الضخمة بالعملات الصعبة وحيازة الشركات واحتكار الاعمال والوظائف بدون وجه حق وممارسة كل أنواع الكسب الحرام وغير المشروع والتطاول في البنيان بعد ان كانوا حفاة عراة، بالاضافة الى حرمان الآخرين من الكسب المشروع والحق في التنافس الشريف والحياة الكريمة، وكل ما يعرفه الجميع من جرائم وفظائع واهوال لتلك القلة الباغية الفاسدة!
ووضعهم على رأس الاجهزة القانونية والعدلية وكل مؤسسات الدولة وأخرجهم من السجون وفتح لهم مجال العودة الى البلاد والتحرك بحرية وممارسة كافة الانشطة الاجتماعية والسياسية ومقابلة الصحف واجهزة الاعلام، ولقد رأينا كبيرهم (علي كرتة) ينشر صور زياراته الاجتماعية بكل جرأة ويحاور أجهزة الاعلام، رغم التهم الموجهة اليه ونشرات القبض الصادرة ضده، وقرأنا أخيرًا في مقال للاستاذ (ياسر عرمان) عن إجتماع للحزب المنحل عُقد برئاسته في شهر يونيو الماضي في إحدى المزارع بالخرطوم تحت حماية الامن الشعبي الذي تم تفعيله مرة أخرى بواسطة الانقلابيين، حضره إثنان من نواب رئيس الجمهورية المخلوع وعدد من حكام الولايات السابقين وعدد من القيادات وضباط سابقين بجهاز الامن، لمناقشة واجازة خطة لاستعادة كامل ممتلكاتهم وأموالهم واعادة كل كوادرهم لاجهزة الدولة والسيطرة على القوات النظامية وأجهزة الامن وتخريب الثورة والاستيلاء على الدولة، والاستعداد للانتخابات القادمة وتسييرها لمصلحتهم، وغيرها من المؤامرات والحيل والألاعيب، ولا يمكن لاحد أن يتخيل إمكانية انعقاد ذلك الاجتماع الخطير بدون موافقة حماية قائد الطغمة الانقلابية والانقلابيين!
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة .. ما الذي يجعل البرهان يمارس القتل والقمع بابشع الطرق بدون ان يطرف له جفن، ويضحي بالثورة والشعب والوطن ونيل المجد، من أجل قلة بائدة مجرمة باغية فاسدة لا أخلاق لها ولا وطنية ولا انتماء الا لمطامعهم وشهواتهم ونفوسهم الدنيئة؟!